أنا لست بخير
بقلم : نورة موافقي
أنا لستُ بخير، أيها العالمُ الصاخبُ بالصدى
صدى الرصاصِ يرتدُّ في أحشائي
يُعيدُ ترتيبَ خريطتي الداخلية
يُمزّقُ أشرعةَ سفينتي المُتعبة.
أنا لستُ بخير
والأرضُ تدورُ على جثةِ طفلٍ آخر
على امرأةٍ تلوذُ بركامِ بيتها
على شيخٍ يُحدّثُ الريحَ عن زمنٍ مضى
كان فيهِ للزيتونِ كرامةٌ
وللخبزِ رائحةُ الفرح.
أنا لستُ بخير
والخوفُ ينامُ بجانبي كظلِّي الوفيّ
يُشاركني وسادتي المبللةَ بالأسئلة
يُحصي خطواتِ الليلِ الثقيلِ على نافذتي
يُلوِّنُ أحلامي بلونِ الدخانِ المتصاعدِ
من مدنٍ تحترقُ في نشراتِ الأخبار.
أنا لستُ بخير
والمستقبلُ معلّقٌ كغيمةٍ سوداء
لا تُمطرُ إلا بالشكِّ والضياع
يُشبهُ طريقاً بلا نهاية
تتناثرُ على جانبيهِ وعودٌ كاذبة
وذكرياتٌ مُوجعة.
أنا لستُ بخير
حين أرى الطفولةَ مُلطّخةً بالدم
حين أسمعُ الأمهاتِ يُنَادِينَ أسماءَ غائبة
حين أشمُّ رائحةَ الموتِ تفوحُ من كلِّ مكان
حين يصبحُ الأمنُ أُمنيةً بعيدةَ المنال
وحين يصبحُ العالمُ مسرحاً عبثياً
تُؤدَّى عليهِ فصولُ الجنون.
أنا لستُ بخير
يا أيها الواقفونَ على حافةِ المذبحة
يا أيها الصامتونَ كتماثيلَ من شمع
ألا ترونَ اللهبَ يقتربُ منكم؟
ألا تسمعونَ صرخاتِ الضحايا؟
ألا تخافونَ من لعنةِ الأرضِ
إذا ابتلعتْ صمتَكم؟
أنا لستُ بخير
لكنِّي أحملُ في قلبي جذوةً خافتة
شوقاً إلى صباحٍ يَنبلجُ بغيرِ هذا اللون
إلى طفلٍ يضحكُ ملءَ فِيهِ آمناً
إلى امرأةٍ تُرتّلُ أغنيةَ الحياة
إلى شيخ يتلو آيات من سورة الأحزاب
إلى عالمٍ يتنفسُ العدلَ والسلام.
أنا لستُ بخير الآن
لكنَّ غداً، ربما غداً
سينبتُ من رمادِ هذا الخرابِ
زهرةٌ تُشبهُ وجه أمي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .