بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 2 أبريل 2025

قماش ابيض لكن ليس للفرح بقلم الراقية نورة موافقي

 قماشٌ أبيض... لكن ليس للفرح


بقلم: نورة موافقي


نريدُ قماشًا أبيضَ...

لا لنُقيمَ عُرسًا، أو نرفعَهُ رايةً في الريحْ،

بل لنُكفِّن صِغارَ البلادِ،

الذينَ استعاروا السماءَ سريرًا،

فناموا... ولم يستفيقوا.


نريدُ قماشًا أبيضَ...

فالغيمُ ما عاد يأتي،

والزيتونُ يبكي على جِذْعِهِ،

والنهرُ يسحبُ أطرافَهُ خائفًا،

من صراخِ الضفافِ التي احترقتْ.


نريدُ قماشًا أبيضَ...

فالمدينةُ ليست كما كانتِ الأمسَ،

تغيَّرتِ الأرصفةُ،

صارَتْ شظايا،

وتبدَّلتِ الدورُ،

أصبحتْ حفراً،

والمآذنُ لم تتنفَّسْ،

فالريحُ أغلقتِ الصوتَ في المئذنةْ.


نريدُ قماشًا أبيضَ...

فاللونُ في غزةَ صارَ رمادًا،

والماءُ في غزةَ صارَ دماً،

والرغيفُ حصاةٌ نلوكُ بها الجوعَ حتى نُدجِّنهُ،

ثم نرفعُ كفًّا هزيلةً للغيبِ، ونرجو المطرْ.


نريدُ قماشًا أبيضَ...

فلا قبرَ في الأرضِ يسعُ الصغارَ،

ولا نعشَ يحملُهم،

فكيفَ نؤبِّنهم حين تأتي الكلابُ مساءً،

وتعبثُ بالعظمِ تحتَ السقيفةِ؟


نريدُ قماشًا أبيضَ...

لنَخبِئَ هذا الغيابْ،

لنَنسجَ منه جناحًا لطفلٍ تمدَّدَ في ظلِّ صاروخْ،

ثم طارَ... ولكنْ بلا كَفَنٍ.


نريدُ قماشًا أبيضَ...

لنسترَ هذا النهارَ الذي ينزفُ من ثقبِ جُرحٍ قديمْ،

لنُغطيَ هذا الصغيرَ الذي نامَ بلا غطاءٍ،

تحتهُ قنبلةْ،

فوقهُ قنبلةْ،

وفي راحتيهِ كتابُ الدُّعاءِ الأخيرْ.


نريدُ قماشًا أبيضَ...

لكنَّ غزةَ قالتْ:


"خذوا لونَ قلبي،

فليسَ لديَّ سوى هذه الأرضِ كفنًا،

وليسَ لديَّ سوى هذه الأرضِ وطنًا،

وليسَ لديَّ سوى هذه الأرضِ زادًا وماءً،

فإنْ متُّ يومًا،

سأولدُ ثانيةً من ترابِ الشهداءِ..."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

المتبتلة في محراب الروح بقلم الراقي د.سامي الشيخ محمد

 رداء الروح 68 المتبتلة في محراب الضوء  سلام عليك أيتها الجريحة الذبيحة الشهيدة غزة العزة والجلال المهيب على مر العصور والأزمان سلام عليك من...