رثاء عبدُ اللّه الـشِّيخ الـبشير
شـيخُ شُعراءِ السُّـودان
١٩٢٨- ١٩٩٤
***
بَـناتُ الـشِّعـرِ بَـعدَك عَـاقِـراتٌ
ولَـيسَ لَـهُنَّ مـولـودٌ جَـميلُ
ورَوضُ الـشِّعْـرِ فارقَـهُ الـمُـغَـنِّي
وغَـادرَ دَوحَـَهُ الشَّيخُ الـجليلُ
تَـعَـثَّرت الـمعانـي فـي لِـسانـي
فَـهَبْ لـي من قَـريضِكَ ما أَقولُ
مُـفـاعَـلَتُنْ مُـفـاعَـلَتُنْ فَـعُـولُ
عليكَ نَـحـيبُها أَبَـدأً يَـطـولُ
بَـذَرْتَ الـفَنَّ فـي الأَوتَـادِ مِـنها
وأَخْـرَجَ شَـطْأَهُ السَّبَبُ الـثَّقيلُ
بَـكيتَ بـها رِفَـاقَكَ حـينَ سَـاروا
إِلـى وطَـنٍ يَـطيبُ لهُ الـقُفولُ
بِـها عَـاتَـبتَ مَـجْذوبـاً تَـولَّـى
ولَـم يَصْحَبْكَ إِذْ أَزِفَ الـرَّحيلُ
ولستَ كما ذَكَـرتَ ( مُـضاعَ حَـقٍّ )
وكـيفَ .. وأَنتَ للسُّودانِ نِـيلُ
عَـطـاؤُكَ أَنتَ للأَجـيال عِـلـمٌ
وأَخْـلاقٌ وأَخْـيِـلَةٌ بَـتُـولُ
وأَجْـرُ الـعِـلمِ ليسَ لهُ انْـقِـطاعٌ
ويَـبقى بَـعـدَ مَوتـِكَ لا يَـزولُ
وحَـقُّكَ فـي قـلوبِ النَّاسِ حُـبٌّ
تَـضَوَّعَ عِـطْـرُهُ الـنَّضِرُ الـبَليلُ
( ضَـمينُ الـدَّامَـرَيْنِ لَـهُ ضَـمينُ )
وأَنتَ ضَمينُكَ الـمَولَـى الـكَفيلُ
حَـفِـظْتَ كِـتابَـهُ وذَبَـبْتَ عَـنهُ
وعن لُـغَةٍ يُـحارِبُـها الـدَّخـيلُ
وأَنتَ أَقَـمْتَ للفُـصْحى صُـروحـاً
تَـبَخْـتَرَ بَـينها الـفِكْرُ الأَصـيلُ
وعن دُنـيا الـمسيدِ نَـقَشْتَ لَـوحاً
تَـحَـيَّرُ فـي شَـرافَـتِهِ الـعُقولُ
وفـي مَـدْحِ الرَّسولِ نَشرتَ شِعْـراً
يُـسَرُّ بـهِ ويَـرضـاهُ الـرَّسـولُ
أَشَـيْخَ الـشِّعْـرِ والـشُّعراءِ طُـرَّاً
رِثـاءُ الـشِّعْـرِ شِـعْـراً يَـستَحيلُ
مَـضى (كَـرَفٌ) ولو قـد كان حَـيَّاً
أَتَـتْكَ الـصَّافناتُ لَـها صَـهـيلُ
عـليها الـنَّائِـحاتُ من الـقوافـي
عليكَ نَـجيعُـها عَلَـقٌ هَـمـيـلُ
وكان شَـفَى الـنُّفوسَ ونَـابَ عنهـا
وأَنْـصَفَ خِـلَّهُ -كانَ - الـخَليـلُ
أَعَـبدَ اللَّهِ كُـنتَ لَـنا إِمَـامـاً
وكُـنَّا من شُـمُـوخِـكَ نَـستَطـيلُ
وكُـنتَ عن الـحُقوقِ لـنا تُـحامي
لِـشِعْـركَ فـي مَـعارِكنا صَـليـلُ
لَـقـيتُكَ آخِـرَ الأَيـَّامِ تَـشـدو
وتَـهزَاُ بالـخُـطوبِ إِذا تَـصـولُ
وأَنت رَهـينُ بـيتِـكَ كالـمَـعَرِّي
وظِـلُّ الـعِلمِ مَـمْـدودٌ ظَـلـيـلُ
لَـبِستَ الـزُّهْـدَ ثَـوباً سَـابِـريَّاً
وعِـشْتَ عن الأَصـالَـةِ لا تَـحُـولُ
وتَـنفُثُ من نَفيسِ الـشِّعرِ سِـحْراً
يَـرِقُّ وفـيهِ تَـنسابُ الـشَّـمُولُ
(على حَـدِّ الـسَّنا أَمْـهَيتَ سَيفَـاً)
وتـَحتَ لِسانِـكَ الـعَضْبُ الـصَّقيلُ
وكيفَ يَـرومُ مِـثلُكَ بَيتَ شِـعْـرٍ
وصَـعبُ الشِّعرِ مَـرْكَبُكَ الـذَّلُـولُ
ولكن كنتَ تَـبحَـثُ عن خَـبيءٍ
من الإِبْـداعِ لـيسَ لَـهُ مَـثيـلُ
ومن ثَـبَجِ الـبِحارِ أَتَيتَ تَـسْعَـى
وأَفْـروديـتُ من طَـرَبٍ تَـميـلُ
وبَـينَ يَـديـكَ رايـاتٌ طِـوالٌ
وخَـلفَ خُـطاكَ تَـبتهجُ الـطـبولُ
وفـي عَـينيكَ نَـشْـوةُ عَـبقَريٍّ
تَـشِعُّ ويُـنشِـدُ الـشَّيخُ الـجَليلُ
أَعَـبدَ اللَّهِ عَـفواً إِنَّ شِـعْـري
تَـطاولَ وهْـوَ مَـهْـزولٌ فَـصيلُ
ورامَ رِثـاءَ بَـدرَ الـتِّمِّ أَوْدَى
وذلك مـا تَـحَـامـاهُ الـفُـحُولُ
ويَشْفعُ فـي التَّطاوُلِ لـي وُثُوقـي
بِـقلبٍ منك يُـسْعـدهُ الـقَـليـلُ
وأَنِّي ما فَـعلتُ سـوى وُقُـوفـي
على الآثَـارِ تُـلْـهِـمُني الـطُّـلولُ
وأَنَّ قَـصيدَتـي منكَ اسْـتَماحَتْ
ومنكَ لَـها مَـعَ الـغُـرَرِ الـحُجولُ
(زَمـانُ الـشِّعرِ يا مَـولايَ ولَّـى)
وشَـمسُ الـشِّعـرِ أَدرَكَها الأُفـولُ
وشَـيخُ الـشِّعرِ سارَ إِلـى جِـنانٍ
يُـكَـرَّمُ بَـينـها أَنَّـى يَـجـولُ
يُـغازلُ من حِـسانِ الـحُور أَلْـفاً
ويَـحلو بَـينَهُـنَّ لَـهُ الـهَـديـلُ
ومن أَنْـهـارِ خَـمرِ الـخلد يُسْقَى
ويُـعجِبُهُ الـمِزاجُ الـزَّ نْـجَـبـيلُ
ونَـسمعُ نَـحنُ والأَحْـزانُ تَطْـغى
وُفُـوداً للـعَـزاءِ لـنا تَـقـولُ
هِـيَ الـدُّنيا نَـمُـرُّ بِـها ضُـيوفاً
ويَـبْقَى الـذِّكرُ والـباقـي فُـضُولُ
وذِكْـرُ الـشَّيخِ فـي الدُّنيا كِـتابٌ
نُـطالِـعُهُ فَـتُمْتِعُنـا الـفُـصُـولُ
وذِكـرُ الـشَّيخِ يَـتبَعُـهُ دوامـاً
دُعـاءٌ للـسَّمـاءِ لـهُ وُصــولُ
تَـقَبَّـلْ يا مَـليكَ الـمُلكِ عَـبْداً
أَتَـاكَ رجَـاؤُهُ مـنكَ الـقَـبُولُ
بِفَضلِكَ يا عَـظيمَ الـفَضلِ يُـجْزَى
ولـيسَ بِـفِـعْـلِهِ أَو مـا يَـقـولُ
وصَـلِّ على شَـفيعِكَ فـي الـبَرايا
إِذا مـا أَبْـصَـروا يَـوماً يَـهُـولُ
صَلاةً منكَ فـي (الأَحْزابِ) تُـتْلـى
بِـها جِـبريلُ أَسْـعَـدَهُ الـنُّـزولُ
عـليهِ وآلِـهِ والصَّحْـبِ تَـتْـرى
وعَـبدُ اللَّه بَـينَـهُـمُ نَـزِيـــلُ
ومن بَـركاتـها نَـنْجـو جَـميعـاً
ويُـقْسَمُ فـي العَطاءِ لنا الـجَزيـلُ .
***
بشير عبد الماجد بشير
إالسودان
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الأربعاء، 6 أبريل 2022
رثاء عبدُ اللّه الـشِّيخ الـبشير شـيخُ شُعراءِ السُّـودان ١٩٢٨- ١٩٩٤ بقلم الشاعر بشير عبد الماجد بشير
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
انتظار بقلم الراقي عبد الخالق الرميمة
🔰 *.. انتظار ..* 🔰 مَـنْ قَـالَ يَـومَــًا مَــا : . . ( إلــى اللّقَــاء ) . . هَـل يَـعُــودْ . . ؟ مَـن قَالهَـا ثَـلاث . . والدّمـعُ...
-
مجرّةٌ في العلياءِ: متأنِّقةٌ غصونُ الوردِ لحُلَّتِكَ لابِسة وبوُجدِ عبيرِكِ مرحٌ يترامى المَدى مِحبرةُ الشَّذا بفيضِ حُسنِكِ شَامِسة وي...
-
-- عِتابُ العِتاب -- عتاب العتاب مِنّا لكم ياأهل المحبة والسلام ياساكن الفـؤاد رأفـة لا ت...
-
( سئمنا البوح ) لَكَ الأَيَّــام كَـمْ عَـانَيْـت صَـبْرا وَصَـبْر الشَّـوْق مَبْسِـمهُ كَـئِيب وَمِنْ عَيْنِيِّكَ سَهْم صَاب صَدْرا وَ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .