جوريّة أفحمت تشرين
جوريةٌ أفْحمَتْ تشرينَ بالعَبقِ
أباحَ مَبسمُها حُسناً إلى الحَدَقِ
شاعَ النسيمُِ ربيعاً حولَها طَرِباً
يُحَفِّزُ الوَردَ أنْ تزدانَ بالورقِ
قالتْ لجيرانِها الاكمامَ لا تَهِنوا
تَحدَّوْا الشهرَ وانشَقُّوا بلا قَلَقِ
وأظْهِروا الزّهوَ ألواناً مُشرَّبَةً
بِالطَّلِّ تَنزعُ من بِالهَمِّ في غَرَقِ
مُخَفِّفينَ عن الانسانِ في زمنٍ
أضْحَى أمانُ الدُّنا فيها بمُفتَرقِ
دعوا العصافيرَ في سكرٍ وفي طَرَبٍ
من العبيرِ وبالتغريدِ في لَبَقِ
وللفَراشاتِ في جولاتِها شغفٌ
تبقى تُقَبِّلُنا وَلَهاً بلا نَزَقِ
فَبَلِّغوا المَحْلَ إنَّ العشبَ زائرُهُ
بخُضرةٍ سوفَ يأتيهِ بلا فَرَقِ
كمِثلِ نورِ خريفُ العمرِ أدرَكَها
لكنْ سوى طيبِها الطيبُ لم يرقِ
وإنْ تعَدَّت بها الخمسينَ رِحلتُها
فما تزالُ كبَدرٍ حَلَّ في الغَسَقِ
قوامُها (سامريٌّ ) قد تخطَّفَني
تسيرُ واثقةً في غايةِ الألَقِ
حبيبةٌ هِيْ ( كَسامَرّا ) مَحَبَّتُها
قد عُتِّقَتْ وعلى السلوانِ لم أطقِ
إنْ واصَلتْني فَقَد أفَضَتْ لواحِظُها
إلى معاهد لا تَلقى هناكَ شَقِي
أطوفُ في (شارعِ الشوافِ )مُنتَشِياً
وغيرُه ما حَلَتْ في السيرِ لي طُرُقي
كلُّ الفصولِ تساوتْ في عَواقبِها
على الرصيفينِ تَبهى خيرَ منُطَلقِ
لو كانَ لي كلَّ يومٍ زورةٌ حَصَلتْ
ظلَّ الحنينُ عميقاً دائمَ الحُرَقِِ
كذاكَ كوني ورودي مِثلما سَحَرتْ
نا نورُ في دلِّها والعمرُ لمْ يعقِ
د. محفوظ فرج المدلل