الفِراق
ما بين خد الورد وومضة اللهبِ
يصطلي القتيلُ بلاذنبٍ ولا نَصَبِ
لو يكتوي بالنارِ فالنارُ باردةٌ
لا تشتهي النارُ قلباً فى وَجَبِ
لو مر بخير الديار دياركمُ
ما اشتكى كثرة الأسفار والتعبِ
يا دار الأحبة كيف حالكمُ
بعد أن ولّى زمان الجد واللعبِ
إن تقبلونا فلله درّكمُ
أو ترفضونا على الله محتسبِ
لكم بقلبي أغلى وأعلى منزلةً
الله الله فى ذكرى البانِ والعلمِ
حلو الذكرى يضوي من خلف الحُجُبِ
لو تدنو ما كان القرب فى عَجَلٍ
أو تصبو ما كان الصبُّ فى لَجَبِ
يا زهرة لو استدعتها ذاكرتي
أتى شذاها كأسرع خيلٍ نُجُبِ
يا نجماً يضوي فى ليلٍ مظلمٍ
لا ينفي أضواءه كثير الشهبِ
لما دنا البينُ قلت لا تخافي
قالت إن الفراق مرٌ فلتَهِبِ
قلت أحبب من شئت الفراق حق
هل يثني البينَ دمعٌ فى صَخَبِ؟
دنياي نأت عني حين الصبُّ نأى
وودعتني دنيا الأحلام والطربِ
يا طائر الشوق الحزين معذرةً
هلّا بطيرٍ للفرحِ منتسبِ ؟
يطير فى دنيا الإله هائماً
يرضى وما كان للرزق مغتصبِ
بانت وبان السعد معها فى ألمٍ
وفاض دمع العين يجرى فوق الهُدُبِ
يا نائىَ الدار وأنت فى بُعدٍ
روحي تحوم فوق الدار كالسُحُبِ
يرضيها من ذكرانا هُنيهاتٍ
والذكرى لا تخبو من اللهَبِ
مهما خسرت بدنيانا من حُبٍ
يبقى حب الإله خير مكتَسَبِ
فلذ بباب مولاك فى السحرِ
وتعلق بالأستار والحُجُبِ
فحب الدنيا يفنى مع السببِ
وحب الله باقٍ بلا سَبَبِ
بقلمي د.عبدالحليم محمد هنداوى من ديواني زورق بلا شطٱن.