بهجة الحلم
إبراهيم العمر
__________
أستيقظ كل صباح ،
افتح عيني على ضوء النهار .
أتشبث بصياح ،
أتفقّد مشاعر الانتماء لتلك الدار ،
أتفقّد أجزاء كثيرة منّي ...
لم تزل تقيم في الحلم .
لا أتمكن لوهلة أن أتلمّس لحظات الوعي .
يعتريني أحيانا شعور بالتعلق بصور ذهنية عن حلم جميل .
عبثا أخرج من فجوات ضبابية وأتمكن من لملمة التفاصيل .
أحتاج لفترة حتى أنفض عني غبار النوم ،
الحلم ينساب من شراييني ويعانقني اليوم .
بهجة الحلم تبتعد مع غرزات مخالب اليقظة .
تجوب اليقظة في أجوائي تلملم لمسات الوهم ،
عقارب القلق تنسج القشعريرة على الجبين,
وتأكل, بكل شره ونهم, بقايا الحقائق واليقين
ترمي بي على جمرات الذعر والخوف والندم .
وتخطف مني أصابع النور كل باقات الظل ،
أنا أزرع في الظلال كل شتلات الورد ،
وأسقي من ينابيع العتمة غرسات النرجس ،
وأركب بساط الريح تحت جنح الليل ،
أشرد في غروب الشمس على ظهور الخيل .
أنا أبني عندما تنام العيون جدرانا وسدودا ،
أنا أسوح في طيّات المسافات وأتسامر مع القمر .
أنا أسرح في الحدائق السوداء
وأضيع في حبات النجوم ،
أنا أسبح في الفضاء
وأغطس في الغيوم ،
أنا تسحرني زركشة تلك القبة الكبيرة بحبات الضوء ،
أنا على ضوء النجمات ألملم قبلات السحر ،
وأعانق صدر الليل كلما يطوي المساء صفحات الهجر .
أنا أغيب في ساعات الوعي وأصحو في سبات العمر .
تسحقني خطوات الأيام وتأكل من رأسي أفواه السهر .
يذبل الأمل على أرصفة القهر ،
ويمشي الموت على أسواري دون حذر .
تهجرني مرافئي ،
وتتمايل أشرعتي على سفن القدر .
يغيب قدري في الضباب خلف أبعاد النظر .
وتختفي خلف أبعاد الرؤية إمبراطورية من حجر .
تسافر أيامي على مركب صغير من ورق عند مطلع الفجر .
وتمحي كل كلماتي ورواياتي من على صفحات الدهر .
وأضحي طفلا عجوزا ولد في مقبرة على حافة القبر .
وأسدل ستائرا سوداء على ربيع أخضر عند عز الظهر .