جحود الزمن
ما طَالَ الزَّمَانُ عَنِّي وَتَعَثَّرَ
وَيزْدَادُ الشَّوْقُ إلَيَّ، ثُمَّ يَتَبَخَّرُ
يَتَجَمَّهَرُ الإحْسَاسُ عَلَى عَتَبَاتِ
قَلْبِي، كَأنَّهُ نَهْرٌ يَفِيضُ وَيَفْجَرُ
نَهْرٌ مِن سَلْسَالِ نَارٍ يُحَارِسُهُ
خَلٌّ طَوِيلٌ يُغْرِزُ أَشْوَاكَهُ فِي صَدْرِي
يَمُرُّ عَلَى أَسْلَافِ حَيَاتِي،
وَيَخْرُجُ مُحَطَّمًا كَقَدَرٍ مَفْرُوضٍ عَلَيَّ
هَل يُرَادُ مِنِّي أَنْ أُدْفَعَ
إِلَى طَرِيقِ الشَّوكِ، مُدَمَّرًا؟
عُلُوًّا بَنَيْتُهُ فِي سِنِينَ
تَفَرَّقَتْ بَيْنَ الأَقَاوِيلِ كَأَطْيافٍ فِي ظِلِّ النسيان
فِي عَيْنٍ خَلَفَتِ الجُحُودَ، أَحْرَقَهَا
لا دِينَ لَهَا وَلَا أَخْلَاقَ تَخْدَعُهَا
وَعَقْلٌ يُعَاوِدُ التَّارِيخَ فِي
عَوْدَتِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، بَعْدَ عَقْدٍ مُعَقَّدٍ
يَطْلُبُونَ إِغْلَاقَ نَافِذَةِ الْأَرْضِ
وَأَسْعِفْ قَلْبَ امْرَأَةٍ مُحَطَّمَةٍ
فَالأَحْلَامُ تَثْقُلُ كَاهِلِي
بِخَسَارَةٍ عَاجِلَةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ
فِي بَرِيدِ الْيَوْمِ رَجَعْتُ إِلَيْهِ
مُتَوَسِّلَةً بِبُكَاءِ مُصَفَّرٍ
وَبِخَانَةٍ بَيْضَاءَ جَعَلَتْنِي كَوَرَقَةٍ
تُوتٍ ذَابِلَةٍ فِي طَيْفٍ مَمَرٍّ، تَفْتَقِدُ لَذَّةَ الحَيَاةِ
أَيْنَ عَيْنُ السَّبِيلِ وَخَلِيفَةُ الْحَقِّ؟
أَمْ تَحَوَّلَتْ إِلَى بَاطِلٍ يُخَادِعُ العقول؟
ظَهَرَتْ بِعُيُونٍ جَاحِدَةٍ مُعَقَّدَةٍ
تُسَافِرُ أَمْ آتَتْ بِظَهْرِهَا عَابِرًا، تَحْمِلُ قَصَصَ الضياع
رَجَعَتْ عَقْلَهَا مُعَلَّقَةً فِي الْآفَاقِ
يَا زَمَانُ، لا تَفْرَحْ كَثِيرًا
فَالْفَرَحَ لا يَدُومُ إِلَّا أَيَّامًا،
تَنْسُجُ فِي الْوَهْمِ كَزَهْرٍ ذَابِلٍ، كَأَنَّهُ خُلِقَ لِيَزُولَ
تَجَاهَلْنِي بِقَدْرِ مَا تَرِيدُ،
وَلَكِن… سَيَأْتِي يَوْمٌ…
تَشْتَهِي الْحَرْفَ مِنِّي، كَأَنَّهُ نَفَسٌ مُنْتَظَرٌ
أَعِدُكَ… سَأَكُونُ كَالتَّارِيخِ فِي حَيَاتِكَ،
لا أُعَادُ… وَلَا أُنسَى،
سَأَبْقَى حَضُورًا، أَشْعَلُ ذَاكَرَتَكَ
بِنُورِ الحُبِّ المُنْسَى، حُبًّا يُعَانِقُ ذَاكَرَتِي.
(( رانيا عبدالله))