سرُّ الشوق
عَلَى وَجْنَاتِ فَجْرِ الْهَوَى
رَسَمْتُ بُوحَ أَحْدَاقِكَ
نَسِيمُ اللَّيْلِ يَهْمِسُ لي
كَحفيف أوراق الشجر، يحمل أسرار الغياب.
تُطِلُّ بِرُوحٍ عَاشِقَةٍ
وَأَنْتَ تَرْسُمُ أَحْلَامَ آفاقِكَ
أَرَاكَ بِاللَّيْلِ غُرْبَتِي
تُغَنِّي حُبَّ أَشْوَاقِكَ، صدىً يملأ الفضاء.
فِي غُرْبَتي، أُدَوِّنُ أَحْلامَكَ،
كُلَّ مَلَامِحِكَ تَتَرَاءَى لِي،
تَغْمُرُنِي الذِّكْرَى كَنَسِيمٍ عَليلٍ
تَسْتَحْضِرُ أَحلامَ غَدٍ مُزْهَرَة.
وَحِينَ الصُّبْحِ يُبْهِرُنِي
أَظَلُّ أَرْقُبُ إِشْرَاقَكَ،
كَما يشتاق البحر لنجمةٍ غائبةٍ في الفضاء،
دَوَاعِي الْحُبِّ سَاقِيَةٌ تُغذي روحي.
وَأَنْتَ هُنَاكَ تَكْتُبُنِي
وَتُرْسِلُ عَزْفَ أَشْوَاقِكَ،
حُرُوفُ الشَّوْقِ فَاضِحَةٌ
فَاخْفِ سِرَّ آفاقِكَ، لكني أراها في كل سطر.
فِي لَيَالِي الْغِيَابِ، يَظَلُّ الْقَلْبُ مُشْتَاقًا
كَمَا تَفْتَحُ الأَزْهَارُ لِلشَّمْسِ،
تَجْدُدُ الأملَ في روحٍ مكسورة،
يَتَغَلَّبُ عَلَى أَحزانِ الفراق.
تُؤَلِّفُني كُلَّ خُطَايَ فِي الطَّرِيقِ
وَتَشُدُّنِي ذِكْرَاكَ إِلَى خِطَى مَاضٍ،
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ أَرَاكَ،
تَحْرِقُنِي أَثَرَاتُكَ كَأَنَّهَا لَهِيبٌ، تَسْتَنِدُ إلى شغفٍ قديم.
فَلَا تَهْجُرْ مَسَامِعَنَا
وَلَا تَسْقِينَا فِرَاقَكَ،
فَأَنَا بَيْنَ نَبْضَاتِنَا
أَخْطُّ الْوَصْلَ بِعِنَاقِكَ، حيث يتناغم الحب في قلوبنا.
وَإِن طَالَ الْغِيَابُ بَيْنَنَا
سَأَبْقَى فِي مَدَى أَحْلَامِكَ،
وَإِن جَفَّتْ مَوَانِئُ الشَّوْقِ
سَأَبْحَرُ فِي عُيونِ الحالمين، أبحث عنك في كل زاوية.
تَسْأَلُنِي عَنْ أَحْوَالِي،
وَأَنَا أَسْرُدُ لَكَ حِكَايَا اللَّيْل،
حَيْثُ أَرَاكَ فِي كُلِّ ظلامٍ يَشْتَعِلُ.
أَرَانِي فِي مِدَاكَ غَدًا
أَعُودُ إِلَى بَسَاتِينِ آفاقِكَ،
سَنَحْيَا فِي لِقَاءِ غَدٍ
تَذُوبُ الرُّوحُ فِي جَمْرِ شَوْقِكَ، فنحتفل بالحب المتجدد.
وَأَنْتَ الْخَالِدُ فِي زَمَانِي
مَلَاذُ الْقَلْبِ وَاشْتِيَاقِكَ،
فَلَا تَخْشَ مِنَ الْأَيَّامِ،
فَحُبُّ الْعُمْرِ فِي أَعْمَاقِكَ، يَتَفَجَّرُ كالنور.
أَنَا بَيْنَ كُلِّ ذِكْرَى أَشْوَاقِي
وَكُلُّ لَحْظَةٍ تَجْمَعُنَا،
تَزِيدُ الرُّوحَ أَشْوَاقَكَ
إِلَى أَنْ نَلْتَقِي سَكَنًا،
سَيَبْقَى الْعُمْرُ مُنْسَاقًا إِلَيْكَ، كالنهر الذي لا ينضب
رانيا عبدالله