----------- الرسالة المفقودة -----------
بصراحة قد أصبح الشعر مجرد لغو رطينِ
تتناطح فيه العبارات لتحطّم سلاسة الرنينِ
والكتابة رسالة عديدة القوالب والمضمونِ
والأشعار خواطر فكرية محفوفة بالشجونِ
وليس سرد عواطف تعج بالآهات والحنينِ
بل قل مهاترات لمتوهم ممحون أو مظنونِ
وعلى الشعراء الترفع عن التهافت المهينِ
ومعانقة الواقع بصدق والكشف عن اليقينِ
وطرح الحلول لاستئصال آفة الجهل اللعينِ
ومكافحة التدجيل والخرافة والاتكال المبينِ
فالحياة لا تقبل بالثرثرة وبكائيات المجانينِ
ولا تزهر بقصائد الحب ومواويل الملاعينِ
ولا ترانيم العاشق الماكر والمتيم المسكينِ
لقد تخمنا بكثرة التخيّلات والتأوه والطنينِ
ويستمر العقم لتتعفن الثمار على الغصونِ
ويمتد البؤس والضلال عبر قرون وقرونِ
وترطتم القوافي وتلتطم المعاني بلا طحينِ
وتتعالى الإشارات والإيحاءات بلا عناوينِ
وتختل القصائد تحت وطأة المعنى الهجينِ
ولا تغرك مناحة الشاعر والدموع بالعينينِ
ويبقى الشعراء مجرد واهمين بعالم حزينِ
وتتوالى مآسيهم لتندثر عبر جحيم السنينِ
وتنتهي حياتهم بمجرد موعد عزاء وتأبينِ
ولو كانوا من بطانة أهل الملك والسلاطينِ
فأروع الأشعار ما رشح بالتوجيه الرصينِ
وصدح بالصدق والحكمة والعبرة والتبيينِ
فالشعب يحتاج إلى الرأي النير والموزونِ
وليس بوح العاشقين وما لديهم من الأنينِ
هذا قولي بكل تدقيق وليس بمجرد تخمينِ
ولكن كيف نخرج من التأزم البيّن والدّفينِ
ومتى نعي الحقيقة ونحتمي بالحق المتينِ
وكيف نُخلص حقا للعلم والعمل الصالحينِ
لنواجه أنفسنا بالعقل وبلا عجز أو تهوينِ
يكفينا من الوجدانيات وعلينا بفتح العيونِ
لننهض ونغير واقعنا بالعلم والعمل الثمينِ
ونضع حدا للتوهم والحمق والفكر الرهينِ
والتظاهر بحماية العادات والتقاليد والدينِ
وحفظ العرض والشرف بكل نخوة وتأمينِ
ونحن نرى هدم فلسطين بيد بني صهيونِ
وهتك الشرف العربي في كل غزوة وحينِ
فقد هان أهل الرسالة والحرمين والقبلتينِ
وعلى الشاعر دق أجراس الخطر المشينِ
ورفع راية التحرر من وجدة إلى البحرينِ
فلم يعد الأحرار يحتملون تهتيك الشرايينِ
بتشتيت الأمة وفصلها عن العز والتطمينِ
وحرمانها الأمن بتدمير كل حصن وعرينِ
واغتيال كل مقاوم ومناصر وساند ومعينِ
وإن أضحت أمة يتامى فلن تنعم بالسكونِ
ولا بالوحدة والتنمية والتقدم وقليل العونِ
في عصر التعدي على القيم وجل القوانينِ
ولا أبالغ بالقول إنه زمن تناطح الشياطينِ
فأين دور الشعراء في ملاحم هذه
الميادينِ
------ بقلم الهادي المثلوثي / تونس ------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .