بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 24 سبتمبر 2020

( بين العقل والجنون )د٠جاسم الطائي

( بين العقل والجنون )
بين العقل والجنون شعرة ، وبين التركيز من عدمه شعرة ، هي الفيصل في حياتنا ومجريات سلوكياتنا فكلما دقّت ورقّت عليك بأن تبذل جهدا أكبر للحفاظ على توازنك سلوكا ، وتفكيرا ، وكلاما ٠
عليك أن تراقب مجريات الأمور ومستويات الإدراك العقلي والمعرفي بدقة ، لا تتهرب مما يعتريك ومما يُشارُ إليك ومما تصطَدم به فهو حقيقة واقعة ماثلة أما العيان ٠
لكل جواد كبوة ، ولكل فارس سقطة ونزوة ، هكذا تعلمنا واعتقدنا، لكنهم لم يخبرونا أن الكبوة والسقطة حين تأتي في غير ظرفها وزمنها وعلى غير ما تشتهي النفس تعني إشارة مرور حمراء لا صفراء ولا خضراء ، يجب أن نتوقف عندها لنلتقط أنفاسنا ونراجع حساباتنا ، ونهادن فيها زحام الأفكار المتلاطمة المضطربة في انتظار استقرارها وهدوئها ٠
كل العمل شاق وكل الخطى مثقلة ، لكن أصعب العمل وأكثر الخطى مشقة هو ما يسرق منك عقلك دون أن تدري ، ويسرق منك فكرك دون أن تنتبه وتعي ،حتى ليوشك أن يبقيك خالي الوفاض إلا من بقايا ذاكرة مهترئة وعقل مقبل على شيخوخة مبكرة ورؤية ضبابية لا تنفع معها نظارات محدبة أو مقعرة وجسد مزقته الجراح ٠
وأنت في خضم المعركة ، معركة العقل مع الجنون وتعاني ما تعاني هربا من واقع لا يرحم وغيوم تمطرُ الأديم شقاء ودمارا وبارود وحياة تتشفى بالجراحات التي تَسِمُها على جسدك وانت حيٌّ ميت فيك من علامات الحياة حرف وفيك من علامات الموت أبجديات أبجديات، فاشحذ سلاحك جيدا والتقط أنفاسك وأنت تقف أمام الإشارة المرورية بضوئها الأحمر٠
أحمر : قف خلف بوابة الزنزانة البشرية فانت محكوم بالسجن المؤبد فيها٠
أحمر : محظور سيرك عبر قناطر يأسك لترى أفياء الدنيا٠
أحمر : حدودك شواطئ الغربة فلا تحاول اجتيازها ٠
أحمر : عد من حيث أتيت أو هاتِ جواز سفرك ألى العوالم الأخرى٠
أحمر : كف عن الحزن فهو تجاوز على الأمن العام٠
أحمر : كف عن الصراخ فهو تجاوز على الذوق العام٠
أحمر : كف عن الصمت او تحاكم بتهمة اغتيال اللغة مع سبق الاصرار٠
أحمر : كف عن الكتابة فهي افشاء لأسرار الابجدية٠
أحمر : كف عن الحب فهو تجاوز على قيم العصر٠
أحمر : كف عن انتظار تقلب الإشارة الضوئية وأنت مصاب بعمى الألوان ٠
"وتبقى عيناك معلقتين في الأفق ، في انتظار وميض الضوء الاخضر لِتَمُر "٠
--------
د٠جاسم الطائي
ربما تحتوي الصورة على: ‏نص مفاده '‏بين العقل والجنون بقلم جاسم الطائي‏'‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

لماذا العداء بقلم الراقية رفا الأشعل

 لماذا العداء ..  أظلّ الوجودَ مساءٌ حزينْ ودهرٌ يصبّ كؤوسَ المنونْ أسيرُ على الدّربِ .. والنّفسُ حيرى وللدّهر أيّامُ بؤسٍ ولينْ وكم أظمأتْن...