رِساَلة وَدَاعٌ أبَدِيةَ
ماذا ستكتبُ لي على قَبري
مِنْ قبلِ موتي، ليتني أدري
هل سوف تكتبُ: "ها هنا دُفنَ
قلبٌ وكانَ يقيمُ في صدري"
أم سوف تكتبُ: إنهم حجبوا
في القبرِ عني طلعةَ البدرِ
وتقول: "هذا القبرُ مملكتي
فيهِ سريرُ أميرتي الحُرِّ"
وهنا الحبيبُ، كيف أتركُه
وله أديرُ مودِّعًا ظهري
وعلى رخامِ القبرِ أيُّ يدٍ
ستخطُّ منك بدائعَ الشعرِ
وجنازتي هل سوف تحضرُها
لتنالَ بعضَ كرامةِ الأجرِ
وبحملِ نعشي هل ستشاركُهم
حملًا على كتفيكَ للقبرِ
والقبرُ إنْ دلوا لموقعهِ
هل أنتَ منْ سيقومُ بالحفرِ
مِن بعدِ موتي من سيخبُرني
ما ذقتَهُ من لوعةِ الصبرِ
وبأيِّ حالٍ صرتَ تندبُني
والقلبُ عندكَ طافحُ القهرِ
إني سأعلمُ ما تقومُ به
ولسوف أعرفُ كلَّ ما يجري
عندي ملائكةٌ ستخبرُني
ما صارَ من حالٍ ومن أمرِ
هل سوف تأتي كي تقابلَني
وتزورَ قبري مطلعَ الفجرِ
تسقي بدمعِكَ ما يكونُ على
قبري من الريحانِ والزهرِ
وتشمُّني وتقول: يا أسفي
بيدي دفنتُ بدائعَ العطرِ
ما القبرُ سجنًا كي تحررَني
منه، وليس الموتُ كالأسرِ
وتمرُّ أعوامٌ وأنتَ بها
تأتي إليَّ بأولِ الشهرِ
وتظلُّ تأتيني وينعشُني
منكَ الوفاءُ لآخرِ الدهرِ
وتظلُّ تذكرُني وبي ثقةٌ
أنَّ الهوى يبقى مع الذكرِ
ومِن الأحبةِ لا يعذبُنا
إلا الفراقُ ومُدّةُ الهجرِ
لن نلتقي مِن بعدِ فرقتِنا
إلا بإذنِ اللهِ في الحشرِ
ومعًا سندخلُ جنةً عجبًا
مِن تحتِها أنهارُها تجري
فالحبُّ للفردوسِ يأخذُنا
ما دامَ يبعدُنا عن الكفرِ
وإذا أمامَك صورتي ظهرتْ
ستظنُّها حوريةَ البحرِ
خرجتْ إليكَ وأنتَ منبهرٌ
وكأنما هذا مِن السحرِ
وتضمني في صورتي، وإذا
فيها أنا بسامةُ الثغرِ
وتمرُّ كفُّكَ في ملامحِها
وتكادُ تمسحُ لي على شعري
وتودُّ لو فيها ترافقُني
ويداكَ تقتربانِ من خصري
كم كنتَ تدعو أنْ نعيشَ معًا
ومعًا نموتُ بليلةِ القدرِ
ستصيرُ من بعدي بلا لغةٍ
وتكونُ من دوني بلا فكرِ
لا يا حبيبي لن نموتَ معًا
فأنا لكَ استغنيتُ عن عمري
ونذرتُ أن تحيا وأضحيتُكَ
روحي، فساعدني على نذري
أعطيكَ من عمري بقيتَهُ
والنهرُ يطلبُ رافدَ النهرِ
(((ليلى كو ))) موثقة