حروف تمن ولحظات تجل
أشرقت الأكوان بالنور في مولده
وامتثلت لأمر العليم خضوعا ووقارا
أقبل ففرحت الدنيا كلها بمقدمه
وانشق إيوان كسرى طوعا له وإكبارا
عاش صباه يتيما وشيماء تلاعبه
مع فراشات يقربنه ويولين عنه إدبارا
جاءه الملكان بالوحي وشقا صدره
طهرا قلبه من كل غل ولم يتركوا آثارا
اعتاد الطبيعة متأملا في كل خلوة
فينزوي إلى حراء يسامر أنجما وأقمارا
حتى أتاه جبريل بالوحي وهو بعزلة
يأمره بالقراءة وقد غابت عنه الأفكارا
سمعت الخلائق وامتثلت لخدمته
على الأرض دوابا وفي السماء أطيارا
لقي القمري حمامة بعد طول غيبة
ولما جاورته همست لتفشي له أسرارا
أخبرته أن النبي محمد خرج لسفرة
قاصدا يثرب ومكة عنده أحب الديارا
تساءل القمري و لخبرها مستنكرا
قائلا:"ترك الأوطان لن يكون اختيارا"
قالت الحمامة مؤكدة شرحا وبينة
"خرج بدينه من بطش قومه الكفارا"
خرج من مكة مكرها من غير رغبة
مخاطبا إياها أن قومها أجبروه إجبارا
نعتوه بالجنون وأمروا لذلك صبية
رموه وأدموا قدمه وأحكموا له حصارا
غضب الجليل وأرسل لنصرته ملكا
يقتص منهم ولا يترك لوجودهم آثارا
قدقرروا لقتله وجمعوا لذلك فتية
فأوحى له الله بهجرة وهيأ لها الأقدارا
لجأ للغار فبنيت هناك عشي لمهمة
والعنكبوت تنسج بخيوطها ببابه ستارا
رحل عنه بعد ثلاث راضيا محتسبا
وصاحبه يحميه من لدغة عقرب غدارا
وبالطريق لقي عجوزا بصحراء مفقرة
اجتمعت بأفواه جوعى وأوقدت لهم نارا
رق قلبه لحالتها وسألها مستفسرا
فأخبرته أن بالقدر قسط ماء وبه أحجارا
أمسك الشاة وكانت طاعنا ومسنة
فمسح على ضرعها فسال اللبن مدرارا
استقبلوه پيثرب راكبين نخلا وشجرة
وتركوا ناقته تبرك وحدها دليلا وشعارا
بنى دولة الإسلام على أساس أخوة
آخي بين الأعداء ثمة مهاجرين وأنصارا
خاض معاركا وقد خرج منها منتصرا
إلا موقعة أحد كانت لهم درسا واختبارا
زحف لمكة فاتحا فأبرم صلحابحديبية
لكنهم خانوا الصلح ولم يجدوا له أعذارا
دخلها فاتحا مسالما من غير مقتلة
محطما الأصنام وفك بها قيودا وأوزارا
على لسان الحمام أقدم قصيدا وفكرة
وقد ألفتموه يقاسمكم الحقل والديارا
تحيتي لكم بصلاة النبي حبا وعزوة
يبارك بأعماركم ويكون لذنوبكم غفارا
بقلمي
الأستاذ : أحمد محمد حشالفية