بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 24 نوفمبر 2024

فيتو على الحياة بقلم الراقي عماد نصر

 فيتو على الحياة


عندما جلسَ العالمُ حولَ الطاولةِ المستديرةِ

ليقتسمَ الحقَّ كقطعةِ كعكٍ صغيرةِ

جاءَ صاحبُ الكرسيِّ المُذهَّبِ

يجرُّ خلفَهُ حبلَ التاريخِ المُرهَبِ

وقال :

" لنا أن نحيا ... إن شئنا

ولكم أن تموتوا ... إن أردنا "


رفعَ يدهُ ... وقالَ بصوتٍ جهير :

" فيتو "

فسقطتِ المدنُ كالدموعِ على الخدود

وانكسرتِ السماءُ إلى شظايا

تحطَّمَتِ الأحلامُ في عيونِ الرُّضَّعِ

واختبأَتْ الشمسُ خلفَ أسلاكِ الصمتِ .


قالوا عن حقِّ الفيتو :

إنه عدلُ الأرضِ في كفِّ الجبَّارين

وأنه حَكَمةُ الأممِ المستكينين

كيفَ تُصانُ الحقوقُ بمقصلةٍ ؟

وكيفَ تُعلَّقُ الحريةُ على مشنقةٍ من حبرٍ ؟


هنا ... تُقتلُ القضايا بورقةٍ

وهناك ... يُبادُ شعبٌ بسكوتِ لجنةٍ

وهلّلَ الحاضرونَ :

" إنه صوتُ الحكمةِ "

لكنَّ الحكمةَ صارتِ المشنقةَ

وصارَتِ العدالةُ طائرًا مذبوحًا

يُباعُ في سوقِ العبيدِ

باسمِ القانونِ المُعلَّب .


" فيتو "

قالها الرجلُ ذو ربطةِ العنقِ اللامعة

فارتجَّتِ القبورُ، وزادتِ الأشلاءُ بريقًا .

طفلٌ يصرخُ تحتَ الأنقاض :

" هل أنا جزءٌ من النقاش ؟

أم أنّي تفصيلٌ زائدٌ في فصولِ المعاهداتِ ؟ "


صديقي الأمينُ العام

لا تسألني عن الحقِّ

فالحقُّ ليسَ هنا

الحقُّ عاطلٌ عن العملِ في مكاتبِ الأرشيفِ

والإنسانيةُ ليستْ إلا تمثالًا

في متحفِ الأممِ المتحدة .


" فيتو "

تُقالُ لتمنعَ قنبلةً

فتنزلُ بدلًا منها ألفُ قنبلةٍ .

تُقالُ لتُسكِتَ حربًا

فتشعلُ ألفَ نارٍ .

فيا حاملَ الشَّمعِ في عتمةِ المحافلِ

لا تُضيءُ لنا الظلامَ

بل تُشعلُ حرائقَ في القلبِ .


أيها العالمُ

كيفَ تُصَفَّقونَ لطاولةٍ مستديرة

وسيفُها غَرسٌ في خاصرتِنا ؟

كيفَ تُصدِّقونَ ميثاقًا

كُتِبَ بحبرِ الخديعةِ ؟

كيفَ تُنشدونَ للسلامِ

وأنتم تذبحونهُ كلَّ دقيقة ؟


فيتو ...

على طفلةٍ تحملُ دفترَ الرسمِ

فيتو ...

على شجرةِ زيتونٍ تُقاومُ الدبابةَ

فيتو ...

على الحق

على الحبِّ

على الحريةِ

على الحياةِ .

فيتو ...

فيتو ...


فقولوا للعدالةِ ... وداعًا

قولوا للحقيقةِ ... سامحينا

فمنذُ أن وُلِدَتِ الطاولةُ المستديرة

ونحنُ ندورُ في حلقةِ العبثِ

نبحثُ عن وطنٍ ...

في خرائطِ الخيانة .


عماد نصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

شتاء غزة بقلم الراقية آمنة ناجي الموشكي

 شتاء غ زة  قلوب كلمى وأهوال بها عانى في غزة العزة من للعز قد صانا طفلٌ جنى حلمه الصافي بنو وبنو والعالم الحر كم نادى وماجانا برد الشتاء صار...