**"عِشْقُ الأَنْهَارِ"**
دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ التَّقَيَا فِي الْعِنَاقِ،
يَجْرِيَانِ كَمَا الْجَسَدِ وَالرُّوحِ فِي السِّبَاقِ،
تَحْتَ سَمَاءِ اللَّيْلِ، وَفَوْقَ شَوَاطِئِ النَّخِيلِ،
يَلْتَقِيَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ فِي السَّلِيلِ.
فِي عُرُوقِ الْأَرْضِ، وَفِي نَبْضِ التُّرَابِ،
يَتَشَابَكُ الْمَاءُ، يُسَافِرُ بِلَا إِيَابِ،
تَغْمُرُ الْأَمْوَاجُ حُضْنَ الْأُخْرَى،
كَمَا الْعَاشِقُ وَالْعَاشِقَةُ فِي حُبٍّ لَا يَنْطَوِي.
يَتَلَاقَيَانِ فِي الْوَادِي بَيْنَ ضُلُوعِ الْجِبَالِ،
يَتَشَابَكُ مَاءُ النَّهْرَيْنِ فِي حِوَارِ الْكَمَالِ،
يَسِيلَانِ كَتَبَتِ السَّمَاءُ عَهْدَ الْوَفَاءِ،
وَلَمْ يَعْرِفِ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا سَبِيلًا أَوْ بَقَاءَ.
يَا لَيْتَ الْبَشَرَ يَتَعَلَّمُ مِنَ الْأَنْهَارِ،
كَيْفَ يَحْتَضِنُ الْآخَرَ بِلَا أَفْكَارِ،
كَيْفَ يَنْسَابُ الْحُبُّ فِي كُلِّ نَبْضٍ،
وَيَذُوبُ الْخِلَافُ كَمَا الْمَاءُ فِي النَّارِ.
فَهَكَذَا دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ، حُبٌّ لِلْأَبَدِ،
لَا تُفَرِّقُهُمَا صَحْرَاءٌ وَلَا تُحِدّ.
يَجْرِيَانِ فِي قَلْبِ الزَّمَنِ بِلَا انْتِهَاءِ،
كَمَا الْحُبُّ الْخَالِدُ، لَا يَعْرِفُ الِانْطِفَاءَ.
رانيا عبدالله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .