بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 يونيو 2024

ولائم الصمت بقلم الراقي محمود محمد أسد

 -ولائم الصَّمْت- 

                                                           

أتوقُ إلى الصًّمْتِ قبلَ الرّمَادْ

لأُدرِكَ كُنْهَ الشقاءِ المعادْ 

فأنّى خطوتُ سمعْتُ نشازاً

يثيرُ مشاهدَ تكوي الفؤادْ 

أتوقُ إلى الوقتِ يوقِدُ ذهني

ويبعِدُ عنِّي ضجيجَ الفسادْ

فمنذا يهُدُّ الظلامَ ؟ ومنذا

يُعبِّدُ حقّاً دروبَ الرّشادْ ؟ 

أتوق إلى الأمِّ تَزْرَعُ جيلاً

نقيّاً جسوراً قويَّ العمادْ

إذا ما ادلهمَّ الزّمانُ تنادى

سحاباً ، رياحاً ، وشَدَّ الزِّنادْ 

أتوقُ إلى الصَّمْتِ فالعمرُ سيلٌ

من القولِ ، والشعرُ أمسى قتادْ 

متى تقطفُ العينُ فعلاً مشعَّاً 

بنهجِ الحياةِ ، وصدقِ العبادْ ؟

أتوقُ إلى الحبِّ يبذرُ صِدْقاً ،

فتُنْعَشُ روحٌ ، تروم الحصادْ

 ألوبُ لأقطفَ ورداً نديّاً

 وأخشى عليه جموحَ الجيادْ

أتوقُ إلى وطنٍ دون خوفٍ

ودونَ رياءٍ أراهُ يُقادْ

إلى وطنٍ من زهورٍ ونارٍ

 فإنِّي أراهُ ضنين العَتادْ

أتوقُ إلى جنَّةٍ من كلامٍ 

عبيرٍ ، يفوحُ كغِصْن الرِّنادْ

إذا ما شَمَمْتُ أريجَ نداه

بَسَطْتُ جناحي على كلِّ وادْ

أتوقُ إلى وقفةٍ من صديقٍ 

يخافُ ، ويخشى عليَّ البِعادْ

يعاتبُ ، يغفِرُ كلَّ صدودٍ

 ويُجْرَحُ لو مَسَّني بعضُ صادْ

أتوقُ إلى زوجةٍ تقرأ الوجـــ

ـــــه لمحاً ، فيرحَلُ عَنْك السُّهادْ

تراها أمامَك قلباً عطوفاً

يُذيبُ الهمومَ ، ويُنْسي الحِدادْ 

أتوقُ إلى امرأةٍ من لُجينٍ

تشفُّ إليك ، تُزيحُ السّوادْ 

تُلاطِفُ روحَكَ ، لو حلَّ خَطْبٌ

وتبدو نميراً كعذبِ الودادْ

أتوقُ إلى شاعرٍ من وميضٍ 

ورعْدٍ ، إذا ما استبدَّ العِنادْ

يباغتُ حُلْمَك ، تَنْهَلُ منهُ

 عناوينَ تُزْهرُ بين الوهادْ

أتوقُ إلى النورِ يقتل إثمي

فأبصِرُ في الليلِ عِزَّ الرّقاد

أجيء إليهِ ، ليوقِظَ رُوحي ،

 ورُوحي شتاتٌ تريدُ السَّداد

أتوق إلى فُسْحَةٍ من رصيفٍ 

يباعِدُ بيني وبين الكسادْ

بحثْتُ عن الحبِّ بعد عناءٍ

فلم أَجْنِ ما ترتضيهِ سعادْ 

أتوقُ إلى الأمنياتِ ، ولمَّا

تمدَّ فؤادي بغير النّفادْ 

إذا جئْتُها سائلاً عن عزيزٍ

أرتْني سراباً وبعضَ انتقادْ 

أتوقُ إلى مِنْبرٍ يَعْتليهِ

نبيهٌ حكيمٌ ، وليس جمادْ 

و جُلُّ الحديث أراهُ غُثاءً

إذا كانتِ الرّوحُ أمْسَتْ رمادْ 

أتوقُ إلى أملٍ ، صادَ قلبي

وقلبي عصِيٌّ يأبى اصطيادْ 

على كلِّ بابٍ يُغرِّدُ شوقاً 

فيُشْعِلُ ناراً بغيرِ اتِّقادْ

أتوقُ إلى خيمةٍ في الصّحارى

وكوخٍ يصادقُني وانفرادْ 

ضَمَمْتُ الرَّجاءَ ، و صُغْتُ الأماني

بُعيدَ شتاءٍ عَصِيِّ النَّفادْ

أتوقُ إلى الأمِّ تَمْسَحُ وجهي

فهيهاتَ ، هيهاتَ أنْ تُسْتعادْ 

لأمّي نزيفُ الفؤادِ ينادي 

ويهتِفُ . إنَّ الشقاءَ امتدادْ

أتوقُ إلى الرّيحِ يوقظ جمري

ولم أمْلِكِ الرَّدَّ و الإرتدادْ

 إذا لمْ أجدْ ما يُسِرُّ عيوني 

فما أتعسَ العُمْرَ دونَ اجتهادْ

أتوقُ إلى الصَّمْتِ بعد التّجافي ،

إلهي أعنّي كأيِّ منادْ

أعنّي على النفسِ قد ضاق صدري

 وعشْتُ ضياعاً ، وأنتَ المرادْ

أعنّي فمالي سواك عليماً 

بأمري . رحيماً بشأن العبادْ

أعنّي ، فَتَوْقي سرابٌ سرابٌ 

وأنت القويُّ على كلِّ عادْ

أتوقُ إلى التوقِ يبصِرُ قلبي 

أتوقُ إلى القبرِ قَبْلَ الرّقادْ

------

محمود محمد أسد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

جار الزمان بقلم الراقي علي غالب الترهوني

 جار الزمان .. _________ الدار ليست أمان.. كم من لحظات وقفت على النافذة .. وكم مرت ساعات الإنتظار .. كم مر علي قلبي الليل والنهار .. أراهم م...