**صَلِيبُ الْأَسْئِلَةِ**
في لَيْلٍ يُشْنِقُنِي الْحُسَيْنُ
بِرُمْحِ الْحَقِيقَةِ،
وَيَذْبَحُنِي مُعَاوِيَةُ بِسَيْفِ الْخَدِيعَةِ،
أَنَا الْمَصْلُوبُ مَرَّتَيْنِ،
عَلَى خَشَبِ الْخِيَانَةِ وَأَلْوَاحِ الْفَجِيعَةِ.
يُسَائِلُنِي رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ:
"أَيَّ طَرِيقٍ سَلَكْتَ؟
وَأَيَّ نَبِيٍّ اتَّبَعْتَ؟"
فَأُجِيبُهُ بِدَمٍ
نَزَفَ مِنْ شَرَايِينِ الْكَلِمَاتِ،
وَأَصْمُتُ حِينَ تُخْنَقُنِي
حُرُوفٌ لَمْ تُكْتَبْ،
وَأَزْمِنَةٌ لَمْ تُخْلَقْ.
أَنَا الْمَقْتُولُ فِي كُلِّ وِلَادَةٍ،
وَفِي كُلِّ مَوْتٍ أُحْيَا مِنْ جَدِيدٍ
لِأَمْشِي عَلَى رَمَادِ الْجَوَابِ،
بَاحِثاً عَنْ يَقِينٍ
وَسَطَ أَنْقَاضِ الْأَسْئِلَةِ.
يَا وَجْهَ الْعَرَبِ،
كَمْ تَقَيَّحَتْ مَلَامِحُكَ
كَجِرَاحٍ تَئِنُّ تَحْتَ جُلُودٍ صَامِتَةٍ،
كَمِ انْكَسَرَتْ مَآذِنُكَ
كَأَحْلَامٍ دُفِنَتْهَا
مَوَاكِبُ الْجَلَّادِينَ وَالْمَارِقِينَ.
أَنَا ابْنُ آدَمَ،
لَكِنَّ كُتُبَ التَّارِيخِ تُنْكِرُنِي،
تَقُولُ: أَنْتَ الْغَرِيبُ
بَيْنَ أَرْضٍ لَا تُنْبِتُ عَدْلاً
وَسَمَاءٍ
لَا تُمْطِرُ إِلَّا حَرْباً.
يَا رَبَّ الشَّرْقَيْنِ،
أَيُدْرِكُنِي ضَوْءُكَ؟
أَمْ أَنَّنِي ظِلٌّ
لَامَسَ أَطْرَافَ الْعَدَمِ
وَتَلَاشَى؟
فِي لَيْلِكِ يَا أَرْضَ الْأَنْبِيَاءِ،
تُدْفَنُ الصَّلَوَاتُ،
وَيُشْنَقُ الدُّعَاءُ
عَلَى أَبْوَابِ السَّمَاءِ.
مَتَى يَتَوَحَّدُ لَيْلُكِ وَنَهَارُكِ؟
مَتَى يُطْفَأُ سَيْفُ الْمَذَابِحِ
وَتُولَدُ الشَّمْسُ بِلَا دِمَاءٍ؟
- الأثوري محمد عبدالمجيد.. 2025/1/14