(الوَجْدُ القديم )
باردٌ وجهُكِ الحزينُ وكابِ
كصباحٍ مُلفَّعٍ بضَبابِ
لا ضجيجُ الأضواءِ في وَجنتيهِ
يتشاقى ولا فَرَاشُ الدُّعابِ
ملَّ زهرُ الرُّبا مُزاوَلةَ العطر
كئيباَ يحبو على الأبوابِ
شرَّدتْهُ الرِّياحُ من دَوحةِ العشق
رهيناً لِحسرةٍ و اغترابِ
مَنْ لِعانيهِ في جفافِ اللَّيالي
مُوحِشاتٍ تمرُّ كالأحقابِ
خَمدَتْ نَبعةُ الحنينِ بعَينيهِ
وغطَّت ربيعَهُ باليَبابِ
وارتمى العُمرُ من يديهِ كدمعٍ
خَذلتْهُ ارتعاشَةُ الأهدابِ
مُهجتي كرمةُ الحنينِ..وقلبي
غابةُ الحزنِ و الغياب كتابي
وهَزيعُ الشِّتاءِ ملءُ ثيابي
والأصيلُ الذَّبيحُ يعرفُ ما بي
مَرَّ بي شارِدَ الرُّؤى كدُوارٍ
ذُبتُ فيه جَوىً ..وتاهَ صوابي
واستراحَت روحي إليهِ وغَلَّتْ
في خوابيهِ خلفَ ألفِ حجابِ
مَنْ يُديرُ السَّفينَ؟!واختلطَ الموجُ
وفاضَ التيَّارُ من كلِّ بابِ
غُمضَةُ الضَّوء في ارتعاشِ المرايا
وجُنوحٌ إلى قرارِ السَّرابِ
وانبعاثُ الوجودِ صحواً جديداً
بعدَ عصفٍ وغَيبةٍ واستلابِ
يالَروحٍ بينَ السَّتائرِ سكرى
بينَ حَدَّي عُذوبةٍ وعذابِ
كُلَّما دارَ في الخواطرِ راحٌ
بُعِثَت في بيادرِ الأعنابِ
واستدارَ الوَجدُ القديمُ وماجَت
في دمائي سنابِلُ الأنخابِ
بسمةً في شِفاهِ طفلٍ يتيمٍ
داعبتهُ الأحلامُ بالأطيابِ
دفءِ حضنٍ ورحمةٍ وأمانٍ
وأفانينَ بهجةٍ و رِغابِ
بعضَ نبضٍ .. وَ جفَّ نبعُ رؤاهُ
وتَعرَّى من حلمهِ الخلَّابِ
كم وَجيبٍ يخبو على شفتيهِ
وسؤالٍ يموتُ دونَ جوابِ
ما لِجرحٍ في خاطرِ الورد نَزْفٌ
كلقاءِ الأحبابِ كالأغرابِ
.....
عصام يوسف حسن