قالَ أبي
قالَ أبي خُذي أخاكِ الأصْغَرا
إلى الْحُقولِ كيْ تُريهِ الزَّعْترا
فأرْضُنا قدْ بورِكَتْ بالنِّعَمِ
بِعِشْقِها فقطْ يّدُكُّ الْمَعْبَرا
أوصيكِ يا بْنيَّتي إنْ مُتُّ غَدا
لا تتْرُكيهِ عَرِّفيهِ بالْمَدى
مَنْ يجْهلِ الأرضَ التي تحْضُنُهُ
يُنْكِرْ ثراها لو بلا بيتٍ غدا
بُنيَّتي حامي الثرى عاشِقُهُ
وذو الشِعاراتِ فقط سارِقُهُ
والمُخجِلُ المُخزي لنّذلٍ يهرَعُ
معْ أَنهُ يا ويْلتي حارقُهُ
وعلِّميهِ كيفَ يعْشَقُ الثرى
حتى ويفهمَ الذي قدْ لا يرى
فَخَصْمُنا الأفعى أتانا عُنْوةً
فعاثَ بالْعُرْبِ دمارًا وازْدَرى
وَصِيَّتي إليْكِ أنْ تُفَهِّمي
هذا الصغيرَ ذا الوُجودِ الْمُظْلِمِ
كيفَ غَدوْنا أمَّةً مُهانةً
مِنْ بعْدِ أنْ كُنّا هُدىً للأمَم
بُنيّتي أقولُها بالْعلَنِ
لا حُبَّ يعلو فوقَ حُبِّ الْوطَنِ
حُبٍّ كموجِ خالدٍ لا ينتَهي
حُبٍّ على مدى عُصورِ الزَّمَنِ
وَيشْمَلُ الحُبُّ كذا أصحابَهُ
أشْجارَهُ أزْهارَهُ أعشابَهُ
بحارَهُ قفارَهُ أطيارَهُ
تلالَهُ جِبالَهُ هِضابَهُ
بُنيَّتي لقدْ كَفرْنا عِندَما
صِرنا عبيدًا عابِدينَ الدِّرْهَما
كُنا نَذودُ عنْ حياضِ الوَطَنِ
لِنَطْرُدَ الغازي اللئيمَ الْمُجْرِما
والْيوْمَ بعْدَ أنْ طرَدْنا الأَجْنَبي
عُدْنا لِرِدَّةٍ وَحاكِمٍ غَبي
نَذودُ عنْهُ هُوَ لا عنْ وطَنٍ
فالْحرْبُ إنْ قامتْ فبيْنَ العَرَبِ
بُنيَّتي إنّي حزينٌ خائِفُ
فالْبُعْدُ عنْ حُبِّ البلادِ جارِفُ
أبناؤُنا قدْ فَقَدوا انْتِماءَهُمْ
حتى انْطَلى على الْعُيونِ الزائِفُ
بُنيّتي كيفَ لِطفْلٍ مِثْلِهِ
أنْ يستعيدَ نسخَةً منْ ظلِّهِ
فالقومُ يحْيا في ضَياعٍ مُزْمِنِ
من بعدِ أَنْ ذلّتْ بقايا خيْلِهِ
بُنيَّتي قِفي إلى جانِبِهِ
وَحذِّريهِ مِنْ خنا صاحِبِهِ
حتى وَمِنْ جهْلِ أَشِقّاءٍ لَهُ
مَمّنْ يُطَبِّعونَ معْ غاصِبِهِ
هذا الَّذي يسعى إلى إذلاِلِهِمْ
حتى وَيَشْمَئِزَّ مِنْ أشْكالِهمْ
لكنَّهُ يَعْرِفُ سِرَّ ضَعْفِهِمْ
فَلْيَدْفَعوا الجِزْيَةَ مِنْ أموالِهمْ
بلْ إِنَّها أموالُ شعْبٍ صاغِرِ
تسحَقُهُ أقْدامُ حُكْمٍ داعِرِ
يَسحَقُهُمْ بِدوْرِهِمْ أسيادُهُمْ
ما بيْنَ كلْبٍ خائِنٍ أوْ عاهِرِ
د. أسامه مصاروه