انعتاق
محمد حسام الدين دويدري
________
أُقَلِّبُ في مَقاليدِ الأُمورِ
وأَقرأُ بين أَفياءِ السُطورِ
أُحاولُ فَهمَ ما يَجري بأَرضٍ
أَحاطَ بها الظَلامُ بلا مُنيرِ
وأَرصُدُ رِحلةَ الساعينَ فيها
لِقوتِ اليَومِ في ضَنكٍ عَسيرِ
فأنثرُ صَرخَتي وَأُغيثُ عَقلي
بِفَهمِ حَقائقِ العَيشِ المَريرِ
أَصوغُ قَصائدي مِنْ نَبضِ شَعبٍ
صَبورٍ عاشَ في العُسرِ المَريرِ
تَمَسَّكَ بالحَياةِ على تُرابٍ
ثَرِيٍّ طاهرٍ عَذبِ الغَديرِ
إِذا أَثرَيتَهُ بالجهدِ أَعطى
حَصاداً زِيدَ بالخَيرِ الوَفيرِ
ولكنَّ العُقوقَ طَغَى وَأَحيا
فَسَاداً عَاثَ في قوتِ الفَقيرِ
وَأَورَثَنَا مِنَ الأزماتِ مُهلاً
وزادَ مِنَ الجَرَائمِ والشُرورِ
وَأَتلَفَ زرعَنا والضَرعَ حَتَّى
تَلاشى العِطرُ في نَفحِ الزهورِ
فلمْ تَعُدِ القلوبُ تعيشُ بعضاً
مِنَ الأحلامِ بالأمَلِ المُثيرِ
وصارَ الشِعرُ بينَ الناسِ ضَرباً
مِنَ العَجزِ المُشَتِّت للحضور
فَكَمْ مِنْ قائلٍ : يَكفيكَ عَزفاً
على أوتارِ حُزنٍ مُستَطيرِ
وَقُمْ مِنْ بينِ أَسطُرِ ما تُباهي
بهِ الأَقلامُ مِنْ شِعرٍ غَريرِ
إلى عَمَلٍ بِهِ تَجبي نُقُوداً
يُحَقِّقُ صُورَةَ الرَجُلِ القَديرِ
فإنَّ الشِعرَ آخرهُ كَسَادٌ
و إِنْ أوَرثتَهُ عَبرَ الدُهورِ
وَكَسبُ المالِ يُكْسِبُكَ احتِراماً
لِتَجلِسَ بينَ أَروِقَةِ القُصُورِ
فتأكُلَ ما يَطيبُ بلا عَناءٍ
و تَنعُمَ بالدِمَقسِ وبالحَريرِ
أَقولُ لِمَنْ أرادَ الجَهلَ دَرباً
لِعيشٍ زائلٍ حُلوِ الدُثورِ
أليسَ تَبَصًّرُ الإنسانِ نوراً
يُحَقّقُ بالتُقى صَحوَ الضميرِ..؟!
وسوء الجهلِ يُكسِبُهُ ضُمُوراً
ليُرمَى في قَذَى الشرِّ الحَقيرِ
أَلَمْ تُغنِ مَشَاعِرُنا قلوباً
تَضَوَّعَ شِعرُها عبرَ العُصورِ..؟
وَأَثرَتْ بالضِياءِ نُفُوسَ قَومٍ
حَضارَتُهُمْ تُشِعُّ بِكُلِّ نُورِ
سَأَبقى أُكسِبُ النَفسَ انعِتاقاً
بِشِعرٍ زاخرٍ يُحيي سروري
ويَغسِلُ خافقي بالنورِ حتَّى
أسيرَ مُحَصّناً مِنْ كُلّ غَورِ
وليسَ لِمقصدِ الكَسبِ اشتِغالي
ولا في شُهرَةٍ تُرضي غُروري
ثَوابُ اللهِ عِندي خَيرُ قصدٍ
وعندَ اللهِ تَصريفُ الأمورِ
..........
٢١ / ٩ / ٢٠٢٠