قصة بقلم إبتسام حمود
الجميلة والبخيل
الجزء الأول
وقفت سهام أمام المرآة تنظر لنفسها وهي متألقة بفستان أبيض بسيط يُظهر تناسق جسدها، ونحافتها وطرحة تنساب حول وجهها كشلال نور يُظهر نقاء بشرتها الحنطية وعينيها العسليتين البراقتين وفم صغير كأنه رُسم بقلم أحمر اللون.
نظرت إلى المرآة وعادت صور الماضي تظهر أمامها كأنها فيلم
من طفولة هادئة مفعمة بالدفئ والحنان، إنتهت بوفاة والدتها بسكتة قلبية غيرت مسار حياتها
ولوّنتها بألوان قاتمة
فقد تزوج والدها من أخرى كانت رمزاً حيّاً لزوجة الأب الشريرة التي تكلمت عنها القصص والروايات،
زوجة أب لم تعرف للإنسانية طريقاً،
كانت تعاملها كخادمة، تعمل ليلاً و نهاراً، يمنع عليها الراحة ولا حتى الاعتراض او الشكوى،
فلمن تشكو ووالدها ضعيف الشخصية غير مبال بما يحصل،
مرت السنين والتي من المفترض ان تكون أجمل سنين العمر، مرت بالعذاب والقهر والظلم،
وسهام اعتادت على الصمت وتنفيذ ما يُطلب منها بطاعة عمياء، فهي تعيش معركة شرسة لا تملك سلاحاً فيها.
حتى جاء اليوم الذي تقدم لخطبتها أبو فارس، أرمل أربعيني
متوسط الطول، أسمر اللون
بوجه صارم وعقدة حاجبين منفّرة
لا شئ فيه يوحي بالراحة،
وافقت زوجة الأب وحكماً وافق الجميع وبمن فيهم سهام والتي لم تُسأل عن رأيها، فهي لا تحلم بأن تملك رفاهية الإدلاء برأي.
وها هي تقف لتلقي النظرة الأخيرة على نفسها وطفولتها وحياتها بمنزل أبيها لتنتقل إلى حياة أخرى مجهولة المعالم، ورجل آخر لا تعرف عنه شيئاً تعيش معه عمراً آخر، بمعاناة أخرى، وظلم آخر ربما، وصمت وطاعة أخريين.
فتح والدها الباب، أمسك يدها وأخرجها ليعطيها لما يسمى زوجها
كانت يده كحبل على رقبتها تخنقها
تمنت ان تعترض.. تصرخ.. تهرب
لكن نظرات والدها المنكسرة ألجمتها
مشت بهدوء واستسلمت لليد الأخرى التي امسكتها وسارت إلى المجهول.. بصمت
... يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .