الغُرْبَةُ داخِلَ الأوْطانالغُرْبَةُ تُلازِمُنا مُنْذُ وَقْتٍ طَوِيل
مَثَلُها كَمَثَلِ ضَميرِ اِمْرِئٍ عَلِيل
يَوَدُّونَ نَزْعَ ذِكْرَياتِ زَمَنٍ جَمِيل
الدَّهْرُ شاهِدٌ يَعْرِفُ كَيْفَ يَكِيل
غَرَّبونَا الأرْضُ تَعْرِفُنا مَعْرِفَةَ رَعِيل
فَالأوْطانُ تَرْفُضُ أنْ نَكونَ هابِيل
إلى مَتى السُّكُوتُ عَنْ فِعْلِ قابِيل؟
إذْ جَفَّتْ المُقْلَةُ على مَلْساءِ سَبِيل
كَأنَّ الغُرْبَةَ تَبْحَثُ عَنْ دار نَزِيل
مَرَّتْ أحْوالٌ تَنَكَّرَتْ لِكُلِّ أَصِيل
قَسْوَةُ أوْطانٍ لَمْ تَتْرُكْ لَها بَدِيل
يَظَلُّ تَمَسُّكُ بِهَدْبِ الوَطَنِ كَحِيل
قِيلَ هُنا بُلْدانُ العُرْبِ دُونَ تَأْوِيل
الشَّعْبُ فِيها اِشْتِياقُهُ لِلْعُروبَة نَبِيل
يُدَوِّي فيها صَدَى صَوْتِ أَنِين قَتِيل
قاتِلٌ مَعْرُفٌ مَقْتُولٌ رَقْمٌ كَأَنَّه دَخِيل
الخَوْفُ بِأجْيادٍ لا يُسْمَعُ لَهُم صَهِيل
ظُلْمٌ بِسِيمَة ذي القُرْبى لَيْسَ لَهُ مَثِيل
الرُّعْبُ يُصاحِبُ الأُمَّةَ جِيلاً بَعْدَ جِيل
في دارِ الغُرْبَةِ مَنْ يُوقِفُ دَمارَها قَلِيل؟
عُقُودٌ مَرَّتْ في أوْطانٍ نَحتاجُ إلى كَفِيل
تَتَقَدَّمُ أَجْناسٌ التَّطَوُّرُ عِنْدَ العُرْبانِ بَخِيل
مُتَفَوِّقونَ في التَّخَلُّف رِيحُ تَقَدُّمِهِم هَزِيل
بَائِعونَ لِذَرِّهِم قالُوا إنَّ عَدُوَّ الأُمَّةِ خَلِيل
مَتَى يَتَخَلَّى العُرْبانُ عَنْ دَوْرِ نَباتٍ نَجِيل
يَعْصِفونَ بِأوْطانٍ مَزَّقَها التَّفْقيرُ بِتَوْكِيل
قالَ كَهَنَةُ الأعْداءِ مَزيداً عَمَلُكُم ضَئِيل
نُرِيدُ شُعوباً لا تُفَكِّرْ يَنُوبُ عَنْها ذَلِيل
جَنَّدَهُ رَفَعَهُ الأجْنَبِيُّ إلى دَرَجَة عَمِيل
لِيَبِيعَ الأوْطانَ العِبادَ ما اسْتَثْنَى زَمِيل
قُلُوبٌ تُساوِرُها هُمُومٌ هَواجِسُ كَمِيل
رَحْمَةً بِغَريبٍ يَحْتاجُ إلى وَطَنٍ ظَلِيل
كَيْفَ تَرْكُ هَذِه الأوْطانَ لِقَسْوَةِ رَحِيل
تَساءَلْتُ إلى مَتَى يَقْسُو دَهْرٌ غَلِيل؟
أما حانَ وَقْتُ التَّوافُقِ على تَعْجِيل
لِيُنْصَفَ الإنْسانُ بَعْدَ فِراقِ حَلِيل
كَأْسُ مَرارَةِ ذَوي القُرْبى زَمَنُ تَنْكِيل
فَيَا مَنْ يَحْمِلُ السَّيْفَ هذا الشَّعْبُ أثِيل
فَمَنْ يَقْضِي وَطَراً لِغَيْرِ وَطَنِه خائنٌ عَتِيل
مَنْ يَتَغَطَّى بِغيْرِ غِطاءِ أوْطانِه عارٍ رَذِيل
طنْجة 25/08/2021
د. محمد الإدريسي
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الجمعة، 27 أغسطس 2021
الغربة داخل الأوطان .. بقلم الشاعر: د.محمد الإدريسي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
جمال الموج والصامت الأزرق بقلم الراقي بن سعيد محمد
جمال الموج و الصامت الأزرق ! بقلم الأستاذ : ابن سعيد محمد موج المودة لماع و مبتسم يهدي التهاني في حب و إشراق ...
-
لما أغفو... في ذكرياتي أرتمي. لا أرى سواها في منامي في صدر الشوق أحتمي يتغزل في تفاصيلها قلبي دون فمي بكل ألوان الحب و الغرام أرتل و أتيه...
-
----------حقيقة سراااب.... دون أن أطرق له الأبواب مفاجئ عنيف كالشهاب استهدفني من عالم الغياب أزهر في الشك و الارتياب و كثرة اللوم و العتاب....
-
وإن سألوك عني، ماذا تقول؟ طفلةٌ، تغارُ عليَّ بجنون، تشعرني بعظمتي وكأنني الملكُ هارون! لا تبغي جاهًا، بل قلبًا حنون، يحتويها ولحبها وكرامته...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .