ورد البنفسج
في مدينة صغيرة مشهورة بجمال حقولها وحسن منظرها وكثرة أزهارها، التي كان أشهرها ورد البنفسج بل أغلبها، كان كل شيءٍ لونة بنفسجي، ولا يسمح بلون غيره.
كان يعيش هناك رجل مسن طيب يحبه الناس ويحترمونه كثيرًا، خلال سيره البطئ، وجد زهرة ذابلة على الأرض لا أحد يهتم لها بسبب لونها الأسود المختلف.
قرر الاعتناء بها، وضعها في وعاء صغير، وسقاها بالماء، هامسا لها :
-لا تخافي .. سأهتم بك، أنت متميزة، سأكون مثلك.
قرر الرجل أن يلبس اللون الأسود بدلًا من البنفسجي، حبًا بالتغيير، بعد أن أصابه الملل، وخرج إلى شوارع المدينة، أصبح الآخرون ينظرون إليه باستغراب، لِمَ يلبس هذا اللون؟! ألا يعلم إنه ممنوع؟!
وصل الخبر للأمير المغرور، وقرر معاقبته كي لا يتكرر الأمر.
وعلى الفور حضر الوزير مع حرسه، وقال بغضب للعجوز :
-الأمير يريدك، هناك شكوى ضدك، هيا معي.
تفاجأ كثيرًا بذلك، وذهبا إلى الأمير محاطين بالحرس.
قال الرجل العجوز :
-مرحبًا سيدي .. لقد طلبتني، هل هناك مشكلة؟
رد الأمير بتكبر :
-بسبب هذا اللون المزعج الذي تلبسه، أثرت مخاوف الناس بأن يراك أولادهم ويقلدونك، فتخرب عقولهم، لذا تقدموا بالشكوى منك، الويل لك أن غيرت لوننا وقوانيننا مرةً ثانيةً.
سكت العجوز، ونكس رأسه محاولًا جمع أفكاره.
في اليوم التالي، لبس الأسود أيضًا، اِنصدم صديقه، وقال له :
-لماذا لبسته مرة أخرى، ألم يمنعك الأمير؟!
أجاب واثقًا : لقد مللت من اللون البنفسجي، من حقي أن ألبس أي لون أريد.
أرسل الأمير جنوده، وأحضروا الرجل العجوز أمامه.
قال بغضب : ألم آمرك أن لا تلبس الأسود، أم أنك تريد التمرد والعصيان؟
رد بسكينة وهدوء :
-يا سيدي .. من حقي أن ألبس ما يعجبني، أنا لم أفعل شيئًا مخالفًا للقانون، لم أقتل، لم أسرق، لم أعتد على أي شخص.
رد الأمير صارخًا : بكل جرأة ترد عليّ ..
أيها الحراس خذوه إلى السجن ليقضي هناك كل حياته.
وهذا ما حصل ..
علم الناس بذلك، حزنوا والدموع تسيل من عيونهم، ذهبت السعادة والحب، وفجأة تحولت المدينة إلى سوداء.
مها حيدر