(يا طيور الخميلِ) ـ (محمد رشاد محمود)
في ديسمبر من عام 1983 زَجَّتْ بي تَقَلُّباتُ الحياةِ إلى أن أقيمَ في منطقة (تل المنطح) بـ (الكرامة) في الأردن ، وقادني التجوالُ بها ذاتَ يَومٍ إلى جَنَّةٍ حاليةٍ يداعبُ نسيمُها أوراقَها الوارِفَة وتَتَأوَّبُ الطير شادِيَةً على أفنانها مُيَمِّمَةً شطرَ عَينٍ تومِضُ الشمسُ ضاحِكَةً فوقها من بعيد ، فكانت هذه القصيدة :
هَـــدْهَــــدَ الكَـــونُ مُـقـلَـتَيـهِ فَحيِّي
طَلـعَةَ الفَجْـــرِ يا طُيــورَ الخَميـــــلِ
والثُــمي الشَّــمــسَ بالجَناحَيْنِ إمَّــا
دَغــدَغَ النُّــورُ رائِــقَ السَّـلـسَبــيــلِ
واصدَحِي في الفَضَـاءِ غَـيـرَ شَـوَاكٍ
جَوقَةَ الصَّيــدِ أو عُبــوسَ الهُــجولِ
حَيــْــثُ يَــمَّـمْتِ مَنـهَــــــلٌ ومَساغٌ
ومَــرَاحٌ وراءَ كُـــَـــــــلِّ سَبــيـــــــلِ
دونَـــكِ الـزَّهْــــرَ مُرسِلاتٍ شَذاهـــا
دونَــكِ الخِصْبَ في الرُّبـا والـحُقولِ
إنْ يَــــــكُ اليَــــومُ ماضِيًـا فَلِمـــاذا
خِيفَـةُ اليَـــومِ مِـنْ غَــــدٍ مُستَحيـلِ
أو يَـــــكُ الغَيْـــــبُ مُوجعًـا فَعــلامَ
بَيـــعَـــةُ الأَيـــنِ لِلـــغَـدِ المَجهُـــولِ
فاملَئي النَّـــفـسَ غِبــطَةً وانْشِـراحًا
وانْشلِي الـذِّهـنَ مِنْ عَمَــاءِ الذُّهـولِ
اشْــدِ هَــوْنًـا فَلَـيسَ يا طَيــرُ يَـرْوِي
غُلَّــــةَ القَلـــبِ غَيـْـــرُ فَنٍّ جَميــــلِ
فُكِّـــي بالـحَــــوْمِ والغِـنَــــاءِ إسارِي
مِقْـــوَلًا بــحَّ في لَهَــــــأةِ كَلــيــــــلِ
إنَّمَــــأ العَيــْـشُ مَـنـْـزعٌ وإسَـارُ الــ
ـــقَلـبِ أقْسَـــــى مَطَــارِحِ التَّكبيــلِ
طَيـرُ يَــــا طَيْــرُ لا عَدِمتُ خيَـــــالًا
مِنـكِ في الرَّوْضِ والرُّبـا والسُّهــولِ
يـَــا بَنـَـــاتِ الأثيـــرِ أنتُـــنَّ لَحْــــنٌ
ساقَـــهُ الشَّوْقُ والهَــــــوَى لِلـمثـولِ
فـــأسِــفِّــي وحَلِّــــقي واستَــمِـيلـي
مُوجَـــعَ النَّـفْـسِ بالأسَى والعَويـــلِ
وانْثُـري الـطَّـلَّ عَنْ رِياشِـكِ وارمي
بالجَنَـاحَيْـنِ في الهَـــــواءِ الحَمــولِ
واتْبَــــعِي خَفقَــــةَ الـشِّراعِ بِخَــفْقٍ
مِنْ جَنَــاحَيـْكِ فيـــهِ رَوْحُ الـعَلــيلِ
واشرَبـِـي خَمــرَةَ الأصيــلِ وصُبِّـي
في حَنَـــايا الفُــؤادِ معنَى الأصيـــلِ
فِيــــهِ تَنـْـــداحُ دائِـــــرَاتُ الأمانــي
كَـــرُؤاهــــا علَى الغَديــرِ الصَّقيـــلِ
مِـلءُ سَمْعي ومِحْجَري وجَنَــــــانِي
ولَــهَـــــاتِي ورُوعِــــيَ الــمَتـبــــولِ
(محمد رشاد محمود)
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022
يا طيور الخميلِ) ـ (محمد رشاد محمود)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
برقي ورعدي بقلم الراقي عامر زردة
برقي ورعدي : أيُّ سِحْرٍ كَسِحْرِ ليلى وحُسْنٍ شابَهَ الحُسْنَ في عُيُون ٍ وقَدِّ أيُّ قلب ٍ شَبيهَ قلبٍ حَنُونٍ يَعْشَقُ اله...
-
مجرّةٌ في العلياءِ: متأنِّقةٌ غصونُ الوردِ لحُلَّتِكَ لابِسة وبوُجدِ عبيرِكِ مرحٌ يترامى المَدى مِحبرةُ الشَّذا بفيضِ حُسنِكِ شَامِسة وي...
-
-- عِتابُ العِتاب -- عتاب العتاب مِنّا لكم ياأهل المحبة والسلام ياساكن الفـؤاد رأفـة لا ت...
-
( سئمنا البوح ) لَكَ الأَيَّــام كَـمْ عَـانَيْـت صَـبْرا وَصَـبْر الشَّـوْق مَبْسِـمهُ كَـئِيب وَمِنْ عَيْنِيِّكَ سَهْم صَاب صَدْرا وَ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .