كورونا تأديب وتهذيب
****************
العالم أجمع الكرة الأرضية من أقصاها إلى أقصاها ترتعد خوفا وذعرا من فيرس دقيق لا يرى بالعين المجردة، العلماء يسابقون الزمن فى المختبرات ومراكز الأبحاث، المسئولين يسارعون فى اتخاذ القرارات حظر تجوال ودعوات ونداءات للمواطنين للبقاء فى منازلهم، والرؤساء يقررون ويعتمدون الميزانيات لمواجهة هذا الوباء، المساجد أغلقت والكنائس أوصدت والمصالح تعطلت وبيت الله الحرم منع منه الحج والعمرة والصلاة فيه، ما كل هذا ماذا جرى ويجري فى هذا العالم وعلى وجه الكرة الأرضية، أليس هذا هو الإنسان الذي صعد بعلمه إلى سطح القمر، أليس هو من صنع الطائرات والسفن والأسلحة الفتاكة أليس هو من صنع أسلحة الدمار الشامل والنووي والذري والهيدروجيني وغاز الأعصاب أليس هو هذا الأنسان الذي بغى وتجبر وقتل وأباد وأعدم وأزهق الأرواح، أليس هو هذا الذي ظلم وسلب ونهب وخرب وشرد أليس هو، أين هم الآن من فيرس بسيط دقيق لا يرى إلا بالمجهر.
كم هى غريبة وعجيبة هذه الحياة كم هى رخيصة هذه الدنيا، الذين قتلوا الناس ظلم وطغيانا اليوم يقتلون ويموتون بفيرس بسيط هو جند من جنود الله فسبحان الله الذى لا يعلم جنوده إلا هو.
كم بنى هؤلاء الحكام القصور والقلاع والحصون كم شيدوا لأنفسهم المشافي والعيادات وسخروا لأنفسهم الأطباء والأدوية فهل نفعهم ما فعلوا وما كنزوا لا والله، ومن العجيب والغريب _ولا عجيب ولا غريب على أمر الله_ أن أكثر من يصاب بهذا الفيس هم الزعماء والرؤساء والمسئولين، فعلا هى عدالة السماء، فالله _سبحانه وتعالى _ الذي خلق هذا الكون وجميع الأكوان أراد أن يثبت للناس جميعا أنهم مهما بلغوا من علم ومن تقدم ومن رقى فلن يكون ذلك إلا كما ينقر العصفور من محيط علم الله ولله المثل الأعلى.
إن ما يحدث فى العالم هو عظة وعبرة للبشر لكى يتعظوا ويتقربوا إلى الله، لكى يلتزموا ويعودا إلى الحق والعدل لكى يتحلوا بالقيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية،
هو عظة وعبرة لبنى البشر لكي يعلموا أنهم مهما بلغ علمهم وتقدمهم، فيجب عليهم ألا ينسوا أن خالقهم وخالق هذا الكون هو أعلم بما يصلح شأنهم يجب عليهم ألا يغتروا ولا يتكبروا ولا يظلم بعضهم بعض.
أما نحن العرب والمسلمين فقد بعدنا عن الحق والعدل فيما بيننا نسينا ما أمرنا الله به وتناسينا ما فرضه الله علينا فضلنا الشهوات وأتبعنا الرغبات ملأنا الحانات والمراقص وهجرنا الجوامع والمساجد أكلنا حق الفقير فعطلنا الزكاة والصدقات وحججنا رياءا وسمعة واعتمرنا تباهيا وفخرا، كنزنا الأموال وفقرائنا جوعى، قتل بعضنا بعضا حتى نبقى درجات خادم ومخدوم سيد ومسود تنازعنا فيما بيننا حتى كره الأخ أخاه وتجرأ الأبن على أبيه، فصار الحق باطلا والباطل حقا فأختلت الموازين ولم يعرف الحابل من النابل، تكاسلنا فى الذهاب إلى المساجد فطردنا منها، جعلنا الملاهي والمراقص فى بلد بيته وحرمه فأغلق فى وجوهنا، فكيف نلجأ إلى غيره وهل هناك ملجأ منه إلى إليه.
اللهم إنا قد زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، اللهم لا ملجأ لنا إلا إليك، اللهم إنا مذنبون وأنت الغفار، اللهم إنا مقصرون فى حقك وأنت التواب، اللهم إنا عبادك أبناء عبادك فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم أنت خلقتنا فارحمنا فأنت بنا راحم اللهم لا تعذبنا فأنت علينا قادر، اللهم لا راد لقضائك ولا معقب لأمرك اللهم ألطف بنا فيما جرت به المقادير يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام
*******************
بقلمي حمدى عصام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .