بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 أغسطس 2024

حسناء الجنوب بقلم الراقي محمد عمر

 حسناء الجنوب 


لَمَّا عَشِقْتُ بِها الرَّبيعَ الأَخْضَرَا

ساقَ الْيَراعُ غَمَامَهُ كي يُمْطِرَا


فَهَمَتْ على خَدِّ الصَّحيفَةِ غَيمَةٌ

من دَمْعِها هذا الجَمالُ تَصَوَّرَا 


أُنْبِيكَ عن حَسْناءَ في عَرَصاتِها

أَحْيَا الرَّبيعُ الطَّلْقُ رَمْلاً مُقْفِرا


يومَ اكْتَسَتْ من يَنْعِهِ أثوابَها

وَغَدَا النَّسيمُ يَثُرُّ منها الْعَنْبَرَا 


فَنَمَتْ غِراسُ العِزِّ في أطْوادِها

بِثَباتِها قد حَيَّرَتْ كُلَّ الْوَرَى


هِيَ لِلْجَنوبِ عَروسُهُ، خُطَّابُها

دَفَعُوا النَّفيسَ لِأَجْلِها والْجَوهَرَا


كَشَفُوا التَّراقِيَ يَرْتَجونَ عِناقَها

فَأَبَتْ سِوَى بِدِمائهِم أن تُمْهَرَا


فَتَسابَقُوا نَحْوَ الرَّدَى لم يَأبَهوا

مَنْ فازَ مِنْهم نالَ تَقْبيلَ الثَّرَى


حَتَّى الصِّغارُ تَرَاكَضُوا لِحُتوفِهِم

لَمَّا رَأَوْا نَهْرَ الدِّماءِ وَقَدْ جَرَى


عَلِموا بأنَّ المَوتَ خيرُ وَسيلةٍ

لِلْمَرْءِ كي يَحْيا عزيزاً في الذُّرَا


عَلَّمْتِنا أنَّ المَماتَ بِعِزَّةٍ

خَيرٌ لَنا من أنْ نذلَّ ونُقْهَرَا


ما أنتِ لِلْأَمْجادِ إلا قِبْلَةٌ

صَلَّى لها مَن رَامَ عِزّاً مُزْهِرا


يا كَعْبَةَ الشُّرَفاءِ في زَمَنِ الْخَنَا

فيكِ الطَّوَافُ وَلَيسَ في أُمِّ القُرَى


أَعْنِي طَوافاً لا بِقَصدِ عِبادَةٍ

بَلْ حَجُّ مَن لِلْمَجْدِ سَيفاً أَشْهَرَا


يا رَبَّةَ الطُّهْرِ المُوَشَّى بالدِّما 

بَاتَ الجَمالُ بِفَضْلِ جُودِكِ أَحْمَرَا


وَزَّعْتِ أَشْلاءَ الطُّفولَةِ في الدُّجَى

وَكَأَنَّ نَبْعَ الأُرْجُوانِ تَفَجَّرَا 


وَاحْمَرَّ مِن فَيَضانِهِ خَدُّ الحَصَى 

خَجَلاً لِأَحْوالِ العِبادِ تَكَدَّرَا


يا لَيتَ قَومي يَشعرونَ بِحالِنا

أو يَخجَلونَ كَمِثلِها مِمَّا جَرَى


لم يَرْتَقوا في مُستوَى إحساسِهِم 

لِحِجارةٍ غَضِبتْ لِصَمْتٍ مُزْدَرَى


هَيهاتَ أنْ يَرْقَى الْأَذِلَّةُ سُلَّماً

يُفْضِي لِعِزٍّ بالعَزائِمِ وَالضَّرَى 


مَرَدُوا على طَبْعِ النَّعَامَةِ في الوَغَى 

هَرَبٌ وَدَفْنُ الرَّأسِ إنْ خَطَرٌ طَرَا


لا تَرْحَلُوا نَحْوَ المَعالي وَاقْعُدُوا 

حَيثُ الخَوالِفُ شَأْنُها أنْ تُسْتَرَا


رَانَ الخَبالُ على قلوبِ وُلاتِكم 

حَتَّى غَدَا وَجْهُ التَّوَاطُؤِ أصْفَرَا


لكنَّ أُختَ العِزِّ تَرْضَى بِالرَّدَى 

دونَ الرُّضوخِ لِمَنْ تَعَدَّى وَافْتَرَى 


يا غَزَّةَ العِزِّ، السَّلامُ على الَّذي 

زرَعَ الرَّبيعَ مُؤَمِّلاً فَتَجَذَّرَا 


هُوَ قُدْوَةٌ لِلسَّائرينَ بِدَرْبِهِ

كَمَنارةٍ فيها اهْتَدَى مَنْ أَبْحَرَا 


هُوَ مُقْعَدٌ، لكنْ لِكُلِّ مُلِمَّةٍ 

تَلقاهُ لَيثاً لِلْمَعامِعِ شَمَّرَا 


ذا شَيخُنا مَلْأَى سَنابِلُ زَرعِهِ 

كي تَمْحُوَ الجَدْبَ اللَّعينَ المُصْحِرَا


رَبَّى فَجادَتْ بالعَطاءِ غِراسُهُ

مِنْ بَعْدِ ما لِلَّهِ نَفْساً قَد شَرَى 


فَتَوَزَّعَتْ أَشْلاؤُهُ كي يَغْتَذي

طَعْمَ الكَرَامَةِ كُلُّ مَنْ رَامَ القِرَى 


وَدِماؤُهُ طَلٌّ بِمَسْجِدِهِ رَوَى

فِكْراً تَنامَى في المَدائِنِ والقُرَى


حَتَّى غَدَت خَضراءَ كُلُّ سَمائنا 

تَمْحُو ظَلَامَ اليَأْسِ مِن حَيثُ انْبَرَى


يا شَيخَنا، نِعمَ الخِتامُ خِتامُكم

وَالغَرْسُ نِعمَ الغَرْسُ ها قد أَثمَرَا 


فَمَضَى يُجَنْدِلُ في الوَغَى أَقْيَالَهم 

حَتَّى بَدَا رَأْسُ العِدَا مُسْتَصْغَرَا 


نَهْجُ النُّبُوَّةِ نَهْجُهُ، وَحُقُوقُهُ 

لَيْسَتْ كَمَنٔ بَاعَ المَبادِئَ وَاشْتَرَى 


إذْ لا يُساوِمُ حَولَها أو يَنْثَنِي

حَتَّى وَلَو كانَ المُفاوِضُ هِتْلَرَا 


بَاعُوا النُّفوسَ الزَّاكِياتِ لِرَبِّهم 

حَتَّى يَنالوا في الجِنانِ الكَوثَرَا 

    

لا مالَ أَبْقَوا، لا نُفوسَ، وَدُورُهم 

دِمَنٌ تُوَاجِهُ رِيحَ كُفْرٍ صَرْصَرا


لم يَبْقَ إلا يُتَّمٌ، وَدُموعُهم 

تَروي لَنا الأَحداثَ حتَّى نَثأرَا 


فَمَتى سَيُبْعَثُ مارِدٌ حُرٌّ ثَوَى 

وَيَلينُ قَلْبٌ كادَ أنْ يَتَحَجَّرَا؟! 


وَبِذَيلِ نابليونَ نَرْبِطُ جَيشَهُم 

كي يَلْعَنوا بِلْفورَ والإسٔكَنْدَرَا


وَذَليلَةً تَقْفُو خُطاهُ فُلولُهم

قَدَرُ الغُزاةِ بِأنْ يَعودُوا الْقَهْقَرَى


وَلَنا تَعودُ الأرضُ رَغمَ أُنوفِهم

(وَسَتَنْجَلي عَنَّا غَيَابَاتُ الْكَرَى)


أَعْطُوا فَما أَعْطَى كَغَزَّةَ مُنْفِقٌ

لا، وَالَّذي ذَرَأَ الأَنامَ وَقَدَّرَا


هِيَ واحدٌ والْكُلُّ حَدَّ كَمالِها

صِفْرٌ على جِهَةِ اليَسارِ تَكَوَّرَا 


هِيَ أَوَّلٌ والكُلُّ آخِرُ بَعْدَها

لا ثانياً أو ثالثاً فيهم تَرَى 


نِعْمَتْ عَروسُ البَحْرِ غَزَّةُ هاشمٍ

منها العَدُوُّ مَصِيرُهُ أنْ يُدْحَرَا


وَسَنَرْفَعُ الرَّاياتِ فَوقَ رُبوعِها 

 خَضْراءَ تُنْهي ذُلَّ سِلْمٍ أعوَرَا


وَسَيُشْرِقُ الفَجْرُ الجَديدُ بِنورِها

وَيُقَبِّلُ الوَجْهَ الجَميلَ الأسْمَرَا


وَيَصيحُ سَيفُ اللَّهِ أُخْرَى بالنِّدا:

(عِندَ الصَّبَاحِ سَيَحْمَدُ القَومُ السُّرَى)


المعلم المظلوم: محمد عمر 

❤️🌹💚🌿

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

دعوة بلا زفاف بقلم الراقي السيد سعيد سالم

 دعوة بلا زفاف كم سهرت الليل من أجلكِ أنا وقلبي وعقلي في اندماج نفكر جميعاً في أي قاعة نقيم مراسم الزواج لكنه حدث في حياتي فجأة زلزال وارتجا...