بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 أغسطس 2024

أبكيك يا وطنا بقلم الراقية رفا الاشعل

 أبكيكَ يا وطَنًا ..


على الدّروبِ فؤادي تائه قلقُ

آهاتُهُ حُرَقٌ في الرّوح تنهَرِقُ


شاءَ الزّمانُ وأحبابٌ لَنَا رَحلوا

كيف السلوّ وصبري بعدهم مِزَقُ


راحوا ولم يسرحوا عيني على وسنٍ

يطول ليلي وجفني ليس ينطبقُ


شوقي إليهم طغى والقلب ذوّبهُ

كالشّمعِ حينَ فتيلٌ فيهِ يحترقُ


بين الجفونِ سحابٌ قدْ همى ديما

من طول ما رَعَدوا ظلمًا وما برقُوا


يا من رحلتم وروحي بعضُ من معكمْ

لقد تركتمْ فؤادًا ملؤهُ حُرَقُ


أمسي وقد مُلِئتْ أجفانكمْ وسَنًا

والجفنُ منّي كليلٌ ملؤه أرَقُ


هذا الزّمانُ قسا بالغَدْرِ روّعَنَا

كأسًا سَقَانَا و فيها المرّ ينْدَفِقُ


أجدادّنَا زيّنُوا أزمانهمْ وبنَوْا

مجدًا على الدّهرِ من إشعاعهِ أَلَقُ


(بطيّبِ الذّكر من أفعالهم خلدوا )

وبالميادينِ أبطالٌ إذَا امتَشَقُوا


هزّتْ رياح الأسى غصني ويا أسفي

حَتّى تناثرت الأزهار والورَقُ


أبكيك يا وطنًا .. كالغصنِ ظلّلنَا

أوراقهُ ذبلتْ .. بالشّوك يختنقُ


أبكي على وطَنٍ .. تجْتَاحه فِتَنٌ

يقتَاتني وجَعٌ .. ينتَابُني قلقُ


والحاقدونَ تمادوا في مطامعهم 

قدْ خانكَ اليَوْمَ من كنّا بهم نَثِقُ


اليَوْمَ غَيْمٌ على الآفَاقِ منتشِر

لا شمسَ تدفئنَا .. لا عارض يَدِقُ


اليَوْمَ غدرٌ وأسيافٌ لهُ رَمَحَتْ

والعابثونَ .. على تمزيقك اتّفَقُوا


أبناؤنا تعبوا .. والبعضُ مُغتربٌ

كنت الأمانَ ورحْبٌ منكَ مُعْتَنَقُ


أبكيك يا وطني يا حاضري وغدي

ينثالُ دمعي على الخدّين يَسْتَبقُ


الحزنُ واعدني والقهر علقمُهُ

كالظلّ يتبعني بالرّوحِ يلتصقُ


تبقينّ يا تونس الخضراء مملكة

لبستِ تَاجًا من الأمجادِ يأتَلِقُ


فيك الطبيعة في أحلى مظاهرها

نور الصّباحات في آفاقها يَقَقُ


خلّابة في وشاحٍ من سنَا رَفَلَتْ

غاباتها دُرَرٌ .. شطوطها ألَقُ


يا جنّةً عرشتْ من سُندُسٍ خضلٍ

الزّهرُ بردتُهَا .. أنسَامها عَبَقُ


والبيدُ في نَاعمٍ مَنْ رَملهَا رَفَلَتْ

كأنّمَا قَدْ كسَا كثبانها السّرَقُ


يا حبّذا ليلهَا والشّهْبُ قَدْ لمعتْ

والأنجم الزّهرُ في الآفاقِ تنْبثِقُ


والبدرُ يسكبُ ذوبًا من أشعّتِهِ

على المياهِ ووجهُ الكونِ مؤْتَنِقُ


أهواك يا وطني يا عزّنا الأبدي

يا من سموتَ ودومًا بالعلى لَيِقُ


 عن خاطري لم تغِبٌ أنوارهُ أبَدَا 

لكن صباحاتنَا يغتالها الغَسَقُ


دُنْيا خيالي وأقلامي ومحبرتي 

أسعى إليها إذا ما ضاقتِ الطّرُقُ 


سحرُ البيانِ وآمالٌ تعلّلني

والحرفُ يُمْتَارُ منه الّؤلؤ النّسَقُ


أعبّ ضوء البيانِ ثمّ أسكبهُ

حرفًا تلألأ من إشعاعهِ الوَرَقُ


رفا الأشعل 

تونس (19/08/2024)


انهرق : انصبّ

المزقة : ج. مزق ، القطعة من القطن والرّيش والّلحم ونحوها  

يقق : أبيض متألّق 

يَدِقُ:يغدق المطر

الحرقَةُ : الحرارة ..وما يجده الانسان من لذعة الطّعم او الحبّ او الحزن

أنقَ : راع حسنه وأعجب 

معتنقُ : المرحب والإتّساعُ

السّرقُ : ج. سَرَقة وهي الشقّة من الحرير ، والكلمة فارسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

ياابن أمي بقلم الراقي محمد بن علي الزارعي

 ياابن أمي لو أخذت الصحاري ورقا  ورسمت لك منزلة بما في خاطرتي ونزفت جهدي عرقا حبرا وألوانا لن أكون في حقك مبدعا  أو كما أشتهي رساما أنت اكبر...