مرآةٌ غيرُ مَصقولة
لجرحٍ تعالى في بيانِكَ صادرِ
ومن عينِ أعمى بالأصابعِ باصرِ
ومن شُرفةٍ للنورِ حطَّمَها الأسى
بُعَيْدَ زمانٍ بالخمائلٍ زاهرِ
زمانِ كؤوسٍ بالنجومِ ترصَّعتْ
وبحرٍ بأصدافِ اللآلئِ زاخرِ
نَحِنُ لهُ كُتْباً ربيعيَّةَ الهوى
قرأناهُ نُعمى بالوجوهِ النواضرِ
نعودُ إليهِِ عَودةَ ٱبْنٍ لأُمِّهِ
وعَوْدَ فراشاتِ القوافي لشاعرِ
نبذناهُ عن جهلٍ وسُوءِ بصيرةٍ
بكلِّ سِجلاتِ السفاهةِ نادرِ
وها نحنُ هذا اليومَ ندفعُ جِزْيةً
ويضرِبُ بعضٌ بعضَنا بالطناجرِ
ومن أشعلَ البلوى حرائقَ فِتنةٍ
لذيْلِ حمارٍ عاقرٍ غيرُ سائلِ .
***
تسللْتُ سِرَّاً تحتَ أروقةِ الدجى
وغيبةِ نجمٍ بالأحِبَّةِ غائرِ
قُشَعْريرَةُ الليلِ المُسافرِ بالصدى
أفاقَ عليها النايُ رُؤيةَ حاسرِ
وقارنتُ يومي بالسنينِ التي مضتْ
وأقفلتُ ما بعدَ الرجوعِ معابري
لقد كان تعفيشُ المنازلِ سرقةً
وأصبحَ هذا اليومَ عن طيبِ خاطرِ
من الفقرِ صارَ الناسُ يَرضَوْنَ حَمْلةً
بأيةِ أسعارٍ وبخسةِ جائرِ
يعيشونَ كالليمونِ لوناً ورهبةً
وخوفاً خريفيَّاً بملءِ المحاجرِ
يبيعونَ ظلَّ الشمسِ تحتَ نخيلِهمْ
ولو كانَ بازاراً بسوقِ المقابرِ
ففي كلِّ يومٍ بالوسائلِ مَعرِضٌ
لسَجّادةٍ أو شرشفٍ من ستائرِ
وخُردةِ شُباكٍ قديمٍ مُكسَّرٍ
بكى بابُهُ لمّا درى بالمُغادرِ
وغسّالةٍ قد عفَّنَ الثوبُ ناطراً
وِلادتَهُ من بطنِها ثوبَ طاهِرِ
وبرَّادِ لحمٍ لم يرَ اللحمَ في الكرى
ويرقبُ في الأحلامِ أنيابِ كاسرِ
ولا شمًَ ريحاً للفواكِهِ منذُ أنْ
تورَّمَ قرشُ السُّحْتِ في جَيْبِ تاجرِ
وأخشى على الآباءِ بيعَ بنينِهمْ
لكي لا يموتوا فوقَ أضلاعِ عاثرِ
يقولونَ يكفي أنْ نراهم حقيقةً
بكفٍّ على فَتِّ الرغيفينِ قادرِ
وما زالَ للد ـ و _لا*رِ سطوةُ قاتلٍ
يَسُنُّ بسيفِ الفقرِ مِخلبَ غادرٍ
فيا ربِّ فرِّجْ عن عبادِكَ قد قضَوا
و ما لاحَ في الآفاقِ طيرُ بشائرِ
حزنتُ على بلدٍ يباتُ على الطوى
وكانَ يرشُّ القمحَ فوقَ المنابرِ
وكانت تُغني في الحُقولِ صوامعٌ
لكلِّ مُقيمٍ في سناها وعابرِ
حَزِنتُ عليهِ نصفُهُ مُخبْطُ الخُطى
ونصفٌ يجرُّ الهمَّ جرَّ الطنابرِ
لقد زِنْتُ نفسي قبلَ دمعي وبعدَها
وأحصَيْتُ في كلِّ الحروفِ خسائري
يقولونَ زرقاءُ اليمامةِ أبصرتْ
وذلكَ من وقعِ السما في المحابرِ
أُطِلُّ من الآنِ المضارعِ بالأنا
وأعبرُ من وجهي لآخرَ غابرِ !
محمد علي الشعار
5/8/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .