. أنَا فِي زَمَنِ جَدّتِي
اسأل ذلك الزمن
هل أنا معني بالكلام او بالصوّر؟
أُلملم شتاتَ أفكاري
لأعيش جزءا من عمري
في زمن جدتي
لم أرها منذ الصغَرِ
ولم اكلّم فيها الّا الرواياتِ والصوّر
ليت ذاكَ الزمَن يَعرفني
فيَحجِز لي عندَها بَعض الأثرِ
بخورُ وعطرُ من عهد جدّتي
إثمدٌ ومرودٌ
حِنّاءٌ وقرنفلُ وحُلَلٌ فضّيّة
قرط وخاتم ومِشبَك
في الحزام والجيدِ والمعصمِ
وخلخال العظم
سُبحَة وسجّادةُ الذِكر
صلاة ودعاء البِشْر
وانا في ذاك الزمن
رائحةٌ من جدتي هَزتني
تخلّلت ثيابي
مع خيط الابرةِ
ونسيج الصوف والوبرِ
ملامِحها في مخيلَتي
تجاعيدُ وجهها
الوَشْمُ على الخدّ والعضدِ
رَسمٌ جمِيلٌ أُضيفَ لجمالِها
ذكرني بِزينةِ الامجادِ والرُتبِ
ليلةٌ واحدةٌ
جَمعَتنَا فِي العمرِ
واخرَى في حَضرَتِها لَم اكنِ
كانَ ابي
فكانَت امّي وانا سَليلُ الوَلدِ
جَدتي تُذَكرنِي خِصالها
بأنها امرأة حَديديّة
فلّاحَة في الحَقل وراعيَةُ الغنَم
مُربيةٌ في البيتِ
تطبخ على نارِ الحطبِ
فنانة عرسِها وفي السّمرِ
قاصّةُ أحفادِها قبل النّوم
وظافرةُ شَعر البناتَ حِين السّفرِ
فنانة زمَانِها
مُعذِبَةُ المولِعين بجَمَال شَبَابِها
وحارقةُ عُشّاقِها بلَا جَمرِ
جَدّتي أرَى فِيها
التواضُعَ والرَزانةَ والهُدوءَ
وأرى مِنها التسَامُح والتصافُح
استَجمِعُ اتعابَ ذاكرتِي
واغتسِلُ مِن بقايَا دمُوعِي
لِأعودَ مِن هُناكَ
بِدعَاءِ جَدّتِي
وهيّ بِفتَاتِ الروحِ تبتَسِمُ
بقلمي. دخان لحسن. الجزائر 25. 5. 2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .