"رَحْلَةُ الرُّوحِ"
كَانَ طِفْلاً يَتَرَاقَصُ فِي الْبَعِيد
فَارِداً أَطْرَافَهُ بِحَمَاسٍ وَسَعَادَة
كَانَ يَجْذِبُنِي وَيَدْفَعُنِي
وَيَنْهَرُنِي بِهَوَادَة.
كَانَ يَتَهَمَّهُمْ... وَيَتَلَعْثَم
مُصْدِراً صَوْتاً جَمِيلاً كَالنَّغَم
يَغْضَبُ حِيناً..
وَحِيناً يَتَبَسَّم.
كَانَ يَنْظُرُ لِي بِصَمْتٍ وَفِرَاسَة
قَبْلَمَا يُمْطِرَ وَجْهِي بِعِنَادٍ وَشَقَاوَة
حِينَئِذ يَضْحَكُ فَخْراً وَانْشِرَاح
وَكَأَنَّهُ هَزَمَ الْأَعْدَاءَ بِغَزَّةَ...وَرَفْح.
كَانَ يَحْمِلُنِي عَلَى لَعْبِ الْحُرُوفِ
دَائِمًا مَا كُنْتُ أَهْزَم
وَمَعَ الْوَقْتِ تَعَلَّمْتُ كَيْفَ أَنْجَح
كَيْفَ أَبْنِي مِنْ طُفُولَتِنَا قَصِيدَة.
وَكَبُرْنَا.
فِي لَيَالِيَّ الْحَزِينَة
كَانَ يَسْتَلْقِي جَوَارِي قَائِلاً:
عِنْدَمَا يَصْدَحُ صَوْتُ الْعَدَالَة
سَوْفَ نَمْضِي عَالِيًا دُونَ عَنَاء.
كُنَّا نَرْسُمُ عَالَماً مِنَ الْمَحَالِ
كُنَّا نَتَشَارَكُ قِصَصَ الْفَاتِحِينَ
وَأَحْلَامُ الْيَقَظَةِ تَمْلَأُ سَمَاءَنَا
بِأَنْغَامِ الشِّعْرِ وَالتَّغَارِيدِ الْجَمِيلَة.
وَعِنْدَمَا تَنَامُ الْعُيُونُ النّاعِسَة
نُجُومُ السَّمَاءِ تُخْبِرُنَا
بِأَسْرَارِ الْكَوْنِ وَالزَّمَانِ الخَفِيَة
وَحَكَايَاتِ الشُّعُوبِ الْمَقْهُورَة.
هَكَذَا بَنَيْنَا مَعاً
مِنْ ذِكْرِيَاتِنَا قَصَائِدَ
وَرَسَمْنَا عَلَى جِدَرَانِ الْحَيَاةِ
لَوْحَاتٍ مِنَ الْفَرَحِ وَالشَّغَفِ وَالْعَزِيمَة.
فَكَانَ كَالْوَرْدِ فِي حَدِيقَةِ الْأَمَلِ
يَنْثُرُ عَطْرَهُ عَلَى الْمَارَّةِ
وَيُحْيِي الْأَشْجَارَ الْبَاهِتَةَ
بِابْتِسَامَتِهِ السَّاحِرَة.
-الْأَثوري محمد عبدالمجيد...26/5/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .