حكاية متسوِّليْن
وقفتْ لَمَا وَتسوَّلَتْ قُربَ الرصيفْ
لتنالَ ما يكفي لماءٍ أوْ رَغيفْ
وشقيقُها متقوْقِعٌ لا يسْتطيعْ
حتى الوقوفَ لعجزِهِ القاسي الفظيعْ
خَرجوا جَميعًا بعْدَ أن قُرِعَ الجرسْ
وبسرعَةٍ قُصوى كما تعدو الفرسْ
هرعوا معًا ليشاهدوا حفْلَ الختامْ
يتسابقونَ بلا هدوءٍ أو نِظامْ
وقُبيْلَ أنْ يصلوا توقّفَ ميْسرهْ
فوراءَهُ كانتْ لَما متأخّرهْ
تلكَ التي كانتْ تثورُ وتغْضَبُ
وَبِلا مُراعاةٍ تلومُ وتعْتَبُ
وَشَقيقُها متماسِكٌ متفهِّمُ
لا يشتكي يومًا ولا يتألّمُ
ولأنّها الصُغرى بوُدٍ يغفِرُ
وإذا تمادتْ بالمحبَّةِ يعْذِرُ
في الصفِّ كانَ مُهذّبًا مُتفَوِّقا
وبأختِهِ مُتمَسِّكًا مُتَعلِّقا
للحفلِ كانَ مُهيّأً مُتَشَوِّقا
فأمامَهُ دورٌ أبى أنْ يخْفِقا
حتى المديرُ أرادَهُ أنْ يظْهرا
لِيَقولَ للجمهورِ ما قد حضَّرا
ولِكونِهِ أحدَ التلامِذَةِ الكبارْ
وَمُقدَّرًا في صفِّه وَمِنَ الصِغارْ
صارَ الزعيمَ بدونِ أيِّ مُعارِضِ
حتى بدونِ منافسٍ ومناهِضِ
وصلتْ لَما ليقودَها للحفْلَةِ
عندَ الإدارةِ كلِّها والشلَّةِ
صعدَ الزعيمُ إلى المنصّةِ لا يرومْ
غيرَ الحديثِ عن الدِراسةِ بالعمومْ
بدأ التحدُّثَ حولَه أترابُهُ
ومُعلِّموهُ بقربِهِم أصحابُهُ
ما كادَ يُنهي جملَةً برَويَّةِ
حتى أُصيبَتْ رجْلُهُ بشظيَّةِ
هجمَ الغزاةُ على الدِيارِ وهجّروا
أهلَ البلادِ وخرّبوا بل دمَّروا
حتى المدارسُ دُمِّرتْ كي لا يكونْ
للنشء حظُّ بالعلومِ وَبِالْفنونْ
فالعلمُ للشعبِ الضعيفِ سلاحُهُ
فبِهِ يدومُ نضالُهُ وكفاحُهُ
فإذا تعطّلَتِ الدراسةُ والحياهْ
غدَتِ البلادُ كجدْولٍ فقدَ المياهْ
وعَدوُّهمْ تلكَ الحقيقةَ يعرفُ
فالجهلُ أفضَلُ من جراحٍ تنزفُ
هيّا احرقِوا كلَّ الدفاترَ في الصفوفْ
وجميعَ ما تَجِدونَهُ فوقَ الرُفوفْ
الجهلَ ثُمَّ الجهلَ لنْ يتَعلّموا
خوفًا علَينا إنْ وعوْا وتَقَدَّموا
خصْمٌ أرادَ هلاكَ كلِّ مثقّفِ
ذي موقِفٍ متَحرِّرٍ ومُشرّفِ
لكنّهم جهلوا طباعَ شُعوبِنا
وسماتِهِا العُظمى وَنُبْلَ قُلوبِنا
نعرى نجوعُ بكلِّ عزٍّ هاهنا
وَنموتُ لكنْ رافعينَ جباهنا
د. أسامه مصاروه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .