قصيدة
(ليس الخبر كالمعاينة!)
شعر / أحمد علي سليمان عبد الرحيم
ديوان: (السليمانيات) & جزء: (سُويعات الغروب!)
موقع: (الديوان) & موقع: (عالم الأدب) & موقع: (الشعر والشعراء) & موقع: (أدب – الموسوعة العالمية) & موقع: (كتوباتي) & مكتبة: (نور) & موقع: (التبراة)
(إن الفرق بين صاحب الضمير الحي وصاحب الضمير الميت ، كالفرق بين السماء والأرض. إن صاحب الضمير الحي إنسان حي حياة ضميره الذي ينبض ويحس ويشعر. على حين نجد أن صاحب الضمير الميت قد مات فيه كل شئ. لأنه بموت الضمير يكون كل شئ فيه قد تحلل. فلا قيمة يخفّ إليها، ولا غاية يعيش من أجل تحقيقها ، ولا هدف يسعى له. بل يركض في غابة هذه الحياة ركض الوحوش في البرية. وكم عانيت من أصحاب الضمائر الميتة من الوشاة ومن يُصَدّقون الوشاة. وكان الأحرى التثبت والتبين والتحقق قبل تصديق الخبر. وإذن فليس الخبر عند من يسمع كالمعاينة عندما يرى. ولم أكن أعرفُ دلالة قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (ليس الخبر كالمعاينة) ، حتى ابتليت بتجربة مريرة عاتية. حيث كنت أعيش بقلبي وجوارحي ، أعطى الأمان لكل من هبّ ودبّ مِنَ الأصحاب والمعارف ، وفجأة علمتُ بيقين جازم قاطع ، أن الخبر لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون مثل المعاينة ، وإن تشابه الخبر في بعض الأمور ، إلا أن الفوارق بين كل منهما تظل شاشعة للغاية. وأن يخون الصديق أصدقاءه أمرٌ لا يدور بخيال عاقل يعرف كُنه الصداقة وما يجب للصديق. والحق أحب إلى قلب المسلم المؤمن المُوحد مِنَ الصديق والدنيا بأسرها. وبعض الناس يعرفون هذه الحقيقة ، لكنهم يمارون في الحق بعدما تبين كعادة الأكثرية الساحقة منهم ، والتثبتُ مِن الوشاية والإشاعات أولى به كلُّ عاقلِ نحرير يُبرئُ ساحته ويُخلي سبيله ويُنقي ضميره. ولقد خانني يوماً أحدُ أصفيائي فعمدت إلى التثبت والتحقق - رغم الإدانة الكافية وصدق النقلةِ للأخبار عنه - ، ولمّا لم يُبَرِّر الجاني فعلته ووشايته ، كتبت هذي القصيدة لأقولَ له: ليسَ الخبرُ كالمعاينة. والأصل أن يعاتب الصديق صديقه ، وأن يراجع الأخ أخاه ، أما رفع الأمر إلى من هم أعداء كل منهما ، فهذا أمر لا ينبغي أن يكون البتة!)
بيعَ الضَّميرُ كَمَا الرّقيقْ
والمرءُ يَحيَا كَالغَرِيقْ
عُمْرٌ يَغُص بحُرقَةٍ
في القلب مِن فِعلِ الصَّديق
والصَّوت مَجنوزُ الصدى
مِن بعد أن غدر الشَّقيق
والدمعُ دامِ في الحنا
يا ، لا يَجِفُّ ، ولا يُفيق
والصدق تحت مطارقِ الـ
ـتخوين ، لَيسَ له شُرُوق
والحق - في الأغلال – يشـ
ـكو غِلظةَ القيد الوثيق
خنت الصَّديق أيا فتى
حَمّلته ما لا يُطيق
واليوم تُكرِمُ صَاحباً
وتُعيره مِنك العُرُوق
وتَحُوطه بعِنايةٍ
وتجود بالكرم الوريق
وتَذود عنهُ ، وإن أبى
وتكون كالخِل الشَّفيق
فَتَراهُ ساعة يَغتني
يَطغى ، ويُشعل في الحريق
وتَكون أَنتَ ضَحية
وتعيش في أسفٍ وضِيق
ويُذيقك الأحزان تتـ
ـلو بَعضها بَدَلَ الرَّحيق
ويُذيع سِركَ في الورى
ويلوكُ عِرضك كَالسَّويق
من أجل ذلك لا تُصا
حب هازلاً ، ودعَ البَريق
دعَ عَنك كُلَّ مُزخرفٍ
في الهزل ثرثارٌ أنيق
إنَّ السَّفيه يبيعُ كُـ
ـل صداقةٍ بيعَ الرَّقيق
وتَراه يحزن إن أتتْ
لكَ فرجةٌ ، بِئسَ الرَّفيق
جَربتُ أهل زَماننا
فإذا أمُورٌ لا تليق
فوجدتُ أكثرهم يَميـ
ـل إلى الأذى العاتي العميق
فَتَرَكتُهُم وفِعالَهُم
ومضيت وحدي في الطريق
وصببتُ تجربتي بشِعـ
ـر نابض الفحوى رشيق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .