بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 مايو 2021

تمشي الأشْــجارُ 🌴🌲🌴بقلم ✍️الأستاذة/محبة محمود المصري 🌹


🌼🌴تمشي الأشجار🌴🌼

🌼🍀🌴🌲🍀🌼


ما أسرعها .. الأشجار تمشي مسرعـة تركـض

طفلي ذو الخمس سنوات المفتــون بالمشهــد و الذي لم يلحـظ مثـله من قبــل .. حاول أن يعد الأشجار وهي تمر مسرعة .. وقد أخـفـق في ذلك 


دون أن يكـدره هذا الإخفــاق لأن الأشجــــار كثيرة جدا .. ويصعــب حتـى علـى أبيـــه أن يعدها في ظهورها و اختفائـها الســــــريع .. 

لاحظت على طفلي الذي أجلستــه بحضـنـــي لصقه وانشغاله وحديثــه إلى نفسه فسألته :

من قــال لـك أن الأشجـــار تمشـــي ؟ فـقــال

 .. هـا هـي تمشــي. . انظــري  كانـت هنـــاك 

  صفـوف من أشجار الزيتون والتين على مـد النظر صفـوف طويلـة متقاطـعـة ومتجــاورة

و ذات لـــــــون أخضـــــر داكــــــن .... بمـــــا يــكـفـــــــي  لإشــــبـــــاع   نـــهـم   الـــرائـي   المـولـــع بـالأخـص تلك الطريـق التـي جرى شقـهـا  بيـن  الجــبـــــال و المـــنـحـــــدرات  والقـرى العربية غربي رام  الله 


.. اقتحــمــت مســاحــات هائــلة مـــزروعــة بأشجار الزيتون والتين  غير المعمرة   على بعضها يعيش لأكثر من ربع قرن .. وكروم العنــب الممتـدة على التربة الحمراء .. 

التربة التي يسمونها القرويون سمكة

دون أن يعرف أصل التسمية ..


السيارة هي التي تمشي وليست الأشجـار يـا طفـلـي ..قلـــت هــذا و أنــا جــازمة و أحنــو علـى طفلـي بـذراعيي علـى كتفــه الصغيــر.. فـأجــاب طفلـي انظــري مـامـا إنـهـا تـركـض ألا تـرينهـا و نظرت إلى الأشجـار المـتـتـاليـة و الـمـتــزايـــدة و قـد ابـتـعـث المـشهــد فـي نفسي ذكريات غامضة وجياشة.. الأشجار لا تمشي .. ولا أقـدام لها وكررتـها. .  فيمـا بــدأ طفلـي متهيئـاً للتقـيـؤ بفـعـل الــدوار الناجـم عن متابعة المشهد المتبادل وموجـات الريـح التي تهب من النافذة... 


فأمـا الأب الذي بقي صامتاً وسارحا في هذه الأثنــاء .. أوقـف السيــارة عندما دعوتـه إلى ذلـك .. ورجـل طفـلي بصحبتـي فلـم يخـــرج من جوفه سوى قليل من الماء .. ولكن وجهه أصفر .. فسألته إن كان قد انتهى مما هو فيه وارتـاح. . فقبـل أن أعيده إلى جانبي دعـوته أن يـلاحــظ الشجــــرة التـي وقــف تـحتـــها وتـحـت أغصانهــا الطويــــلة و المتــوقــفــة في مكانـهـا لا تـتــحـــرك بــدت لــه شـجـــرة الزيـتــون في وقـفتـها تلك كائـنـاً قويـاً أبكـم متــعــدد الأذرع لا رأس لـه حتـى خشــي أن  تتحـرك باتجاهه وتفتك به.. فهو لم ينشأ بين الأشجار خصوصاً الكبيرة منها ولـم يألفهـا.. 


إذ نشأ بيـن أربـع جدران أمام التلفـاز .. وقد وافـق أن الأشجـار بجواره واقفـة متوقفة .. لم يقـل لي إنه سمع أصواتاً غريبة تصدر من جوف الأشجار ..لم يخـف من تلك الأصوات  و هي لحشرات تدعى مغني الزيتون أومغني الصيــف  و تصـــدر أزيــــزاً عـــاليـــاً منتظمــاً ورتيباً 


وانتـظــر أبــوه أن يقــود السيـــارة ليـراقـب الأشـجـار من جديـد وقـد لاحـظ أنهـا بـدأت الـمـشـــي مـــا أن انـطـلــقــــت الـسـيــــــارة السيــــارة هـي التـي تـمشـي الآن قلـت هــذا لطفلـي فــرد طفلـي و الأشجـار أيضا تمشي وهنا تدخـل أبـوه لأول مــرة و قـد راقـه عنــاد طفـله


الأشجـــــار تمشــي حيــن تمشــي السيــــارة وتـتــوقــف  عــن المـشـــي مــا تــتـــوقـــــف السيـــــارة ..  قـــال الأب و هـــو  يـكـتـــــم ضحـكـتــــه : فــهـتــــف طفـلـــي مـــزهــــواً دون أن يكتم كركرةضحكاتـه ضحكةالفـــوز .. صـــح أبـــي يعـــــرف أكثـــر مـــن أمــي. لــم أجــــــد مــــا أعــقــب بــه فــوراً أمـــام التـــواطــــؤ فأصبحــت أتملــى من جديــد  أرتــال الأشجار التي بدت كأطياف لمرثيات منسية وذكريات هاربة


أما زوجي الذي يصحبنا لزيارة قريته .. بعد أن حــاز إذن دخـول مـن المحتـليـــن لزيارة موطنه. . فقد اسـتـذكر بانتـشــاء و حســرة الــخــداع البصـــري الــذي طـالمـا وقــع فيه أيــام الطفــولة..حيث كانت الأشجـار تندفع مذعـورة تباعا على الجانبين و فـي الاتجــاه المعاكس لحركة المركبات، قال يا طفلي هذا الخـداع اللـطيــف الذي حـرم منـه إلى الأبـد ونال بدلا منه ما لا يُحصي من أشكال الخداع البشري

🌼☘️🌴🌲🌴☘️🌼




Mahba Jo :بقلم ✍️ 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

مع التاريخ بقلم الراقي عبد الرحيم العسال

 مع التاريخ ======= مع التاريخ نقرأه ونسبر غوره ساعة ونعرف من بني صرحا ومن للصرح ذا باعه ومن ولي لدى الجد ومن أردته خداعة ومن سار على النهج ...